كثيرةٌ هي الأحداث التي تعصف بالعراق، وكثيرةٌ هي المتغيرات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي تواكب الأحداث، والمراقب للوضع العراقي يلحظ صعوبة إيجاد تصوّر واقعي لما يجري خصوصاً بعد التغيير الذي حصل بعد عام 2003، هذه المتغيرات التي طرأت على الساحة العراقية جعلت من الصعوبة بمكان الوعي بما يجري بالنسبة للعقول المنغلقة والمصبوبة، التي ترى الامور بزاوية واحدة في بعض الاحيان، ومن هنا جاء دور المفكر وأصحاب الرأي ليطرح بشجاعةٍ وبإمعان مستنداً الى قلمٍ وفكرةٍ وذاكرةٍ و وعيٍ ومعرفةٍ رصيدها التجربة والخبرة، من خلال المقالات العلمية التي كٌتبت وتكتب، والتي كانت حاضرةً ومواكبةً للأحداث، ولأن مواقف أهل الرأي التي يجب أن تعلن هي التي تكون أثناء الأحداث وفي صميمها كما يذكر الكاتب المصري توفيق الحكيم في كتابه (عودة الوعي).
وهذا ما حاول الأستاذ ابراهيم العبادي أن يعالجه في مجموعة مقالاته التي نشرت على مدى سنوات في حديث الاثنين على صفحة جريدة الصباح، والحق أن عملية خلق الوعي من خلال التحليل المسؤول للأحداث المؤثرة في الساحة العراقية سواء الداخلية منها أو الخارجية، تحدي لا يخوضه إلا من امتلك أدوات الرشد والإدراك والتسلح بالصدق مع الذات، ليكون نتاجه الفكري ذخيرة للأجيال القادمة.
وإيماناً برسالة مركز رواق بغداد للسياسات العامة بأن يكون نتاجه إضافة لفهم الواقع العراقي دون تشنج وأحكام مسبقة، تبنى دار الرواق للنشر والتوزيع أحد المشاريع التابعة للمركز جمع وتحرير وطباعة مجموعة مقالات الأستاذ إبراهيم العبادي التي تنوعت بين الدولة ومفهومها الوجودي، والدور البارز للمرجعية الدينية في النجف حول التأصيل الفكري لبناء النظام الديمقراطي الحديث في العراق، والإسلام السياسي ومستقبله في رسم الخارطة السياسية، وجدليات الأمة الوطنية والهويات الفرعية الأخرى، هي أبرز ما أجاد به الكاتب الأستاذ إبراهيم العبادي في طرح الرأي الحرّ لعله يساهم بتنمية الإدراك السليم والقراءة العملية للمثقفين من طلاب الوعي.