معركة الفساد تطرق ابواب السلطة القضائية في إيران
مصطفى الساعدي
تردد الكثير من الكلام حول الفساد المستشري في دوائر الدولة، وحتى مؤسسة القضاء، حيث كان يستيقظ الشعب الإيراني في بعض الأيام على أنباء الفساد الموجود في البلد، فكانت تلك الانباء تتعلق بخصوص البعض الذين يقومون باختلاسات كبيرة بعضها تصل لتريليونات من التومان، وكان هؤلاء إما شخصيات لديها مسؤوليات كبيرة في مؤسسات الدولة كالسيد محمود رضا خاوري، وهو أحد مدراء المصرف الوطني (بنك ملي) الذي قام بإختلاس ما يقارب الثلاثة تريليون تومان وهرب الى خارج ايران متوجهاً الى كندا، او هم من أقرباء بعض المسؤولين كالسيد مهدي جهانكيري شقيق نائب رئيس الجمهورية إسحاق جهانكيري او حسين فريدون شقيق رئيس الجمهورية حسن روحاني، وكانت هناك اتهامات توجه ايضاً لبعض الافراد في مؤسسة القضاء بينهم قضاة وشخصيات متنفذة وذات مسؤوليات كبيرة في مؤسسة القضاء.
السيد إبراهيم رئيسي وهو أحد أعضاء مجلس الخبراء والمفتش العام السابق وكذلك المدعي العام السابق وقبلها كان سادن الحضرة الرضوية، كما شارك في انتخابات عام 2017 الى جانب الرئيس الإيراني حسن روحاني، حيث كانت احدى شعاراته في حملته الانتخابية هي الحرب ضد الفساد المستشري في مؤسسات الدولة، وقد خسر رئيسي تلك الانتخابات بحصوله على ما يقارب 16 مليون صوت أمام حسن روحاني الذي حصل على ما يقارب 24 مليون صوت، وبعد مدة من نهاية الانتخابات تم تنصيب السيد رئيسي كرئيس القضاء من قبل المرشد الأعلى خلفاً للشيخ صادق آملي لاريجاني (شقيق علي لاريجاني الرئيس السابق لمجلس النواب). ومن الجدير بالذكر أن رئيس القضاء يتم تنصيبه من قبل المرشد كل خمس سنوات قابلة للتمديد .
بعد مجيء السيد إبراهيم رئيسي وتسلمه لرئاسة القضاء في إيران، بدأ فصل جديد من الوقوف امام الفساد وقد أعلن رئيسي أن مهمته الأولى والأهم هي القضاء على الفساد الموجود عند المتنفذين وفي بدايتهم عند بعض المتنفذين في القضاء، وعليه بدأ العمل على رصد وكشف الكثير من القضاة الفاسدين وتنحيتهم او إصدار عقوبات بحقهم ولكن أكثر ما يمكن الإشارة له هو تنحية أحد الشخصيات المهمة على مستوى القضاء وذلك مقدمة لمحاكمته:
اكبر طبري
هو المعاون التنفيذي لرئيس القضاء ومدير المالية لمؤسسة القضاء في زمن الشيخ صادق آملي لاريجاني الرئيس السابق للقضاء الإيراني.
أكبر طبري لديه عدة مسؤوليات في تاريخه الوظيفي منها محافظ مدينة محمود آباد في محافظة مازندران شمالي إيران وكذلك مدير المالية لمؤسسة القضاء وأخيراً المعاون التنفيذي لرئيس القضاء الإيراني بالإضافة لمسؤوليته السابقة وهي مدير المالية لمؤسسة القضاء. وقد أثيرت الكثير من الاتهامات والشكوك حوله اثناء فترة عمله في مؤسسة القضاء وقد تمت محاكمته في زمن رئاسة الشيخ صادق آملي لاريجاني بخصوص اتهاماته ولكن تمت تبرئته من التهم التي كانت موجهة اليه ورجع الى وظيفته واستمر الى أن استبدل الشيخ لاريجاني بالسيد إبراهيم رئيسي.
ووصفه زاكاني أحد أعضاء مجلس النواب الإيراني، بأنه أحد الأعضاء السابقين لمنظمة مجاهدي خلق، حيث اعتقل بعد الثورة ومن ثم أطلق سراحه وبعد إطلاق سراحه توجه الى العمل بالوظائف الحكومية في دائرة محافظة مازندران وبدأ يتسلم مسؤوليات أكبر عن طريق علاقات الصداقة التي اوجدها مع الكثيرين.
وقد تم عزله من قبل الرئيس الجديد للقضاء السيد إبراهيم رئيسي بعد سبعة أيام من تسلم الأخير منصب رئاسة القضاء في إيران ومن ثم توقيفه بعد أشهر وإحالته للقضاء حيث تم احتجازه وبدأ تحقيق مطول بخصوص علاقاته وارتباطاته وما يملكه من أموال وقد وجهت له العديد من التهم.
من التهم الموجهة اليه التي يمكن الإشارة اليها، الاشتراك في تشكيل شبكة ارتشاء وادارتها وأخذ الرشى النقدية بمبالغ طائلة وكذلك غير النقدية كأخذه فيلا فاخرة في مدينة بابلسر والاستيلاء على عدد من الأراضي وغسيل الأموال والتأثير في سير بعض القضايا القضائية عن طريق ممارسة نفوذه في مؤسسة القضاء.
الأشخاص الأخرين الذين كانوا في قضية أكبر طبري هم عدد من الأثرياء والقضاة ومنهم القاضي غلام رضا منصوري ومصطفى نيازآذري ورسول دانيال زاده وآخرين.
غلام رضا منصوري
وهو احد القضاة وقد اتهم بأخذ رشوة مقدارها 500 الف يورو، والقاضي غلام رضا منصوري كان يقضي وقتا خارج ايران اثناء الجلسة الأولى لمحاكمة اكبر طبري، وقد اعلن القاضي غلام رضا منصوري المتواري عن ايران بأنه سيعود لحضور جلسات المحاكمة، ولكن المتحدث باسم القضاء اعلن ان هذا الكلام غير صحيح وأن القضاء وعن طريق التنسيق مع الشرطة الدولية قام بإصدار مذكرة القاء قبض بحقه وتم اعتقال القاضي غلام رضا منصوري في دولة رومانيا وسيتم تسليمه فيما بعد لإيران ولكن نظراً لمحدودية السفر بسبب جائحة كورونا تأخر موعد هذا التسليم. وقبل أن يتم التسليم وفي يوم التاسع عشر من يونيو حزيران عام 2020 اُعلن عن انتحار القاضي غلام رضا منصوري في ظروف غامضة عن طريق القاء نفسه من نافذة الفندق الذي كان محتجزاً فيه.
مصطفى نيازآذري
مصطفى نيازآذري هو أحد المتهمين وقد هرب من إيران فور القاء القبض على طبري، وهو من المتهمين الى جانب طبري في إنشاء شبكة الارتشاء وكذلك متهم بإعطاء (5) قطع ارضٍ كرشوة لأكبر طبري في مدينة بابلسر بمحافظة مازندران شمالي إيران.
وعلاقة مصطفى نيازآذري مع طبري تعود بدايتها لعام 2012 عندما اعتقل نيازآذري بتهمة الاخلال في النظام الاقتصادي في إيران حيث مارس أكبر طبري نفوذه لعدم ادانة نيازآذري وإعلان براءة الأخير من التهم الموجهة إليه وقد وهب نيازآذري لطبري مقابل عدم ادانته اراض بمساحة 15 ألف متر بالإضافة الى فيلا فاخرة تقدر بمبلغ 42 مليار تومان في مدينة بابلسر.
رسول دانيال زاده
وهو مدير عام لإحدى شركات الفولاذ ومدين للمصارف الإيرانية بمبلغ يقارب (4) ترليون تومان وهو من الأشخاص الذين حصلوا على خدمات من أكبر طبري عندما أثيرت قضايا تخص دانيال زاده المتعلقة بما يدينه للمصارف الإيرانية حيث صدر قرار بمنع متابعته وقد هرب دانيال زاده من إيران متوجه الى دولة المانيا ولكن تم العمل على ارجاعه الى إيران وحضور جلسات المحاكمة الخاصة بأكبر طبري.
وبدأت محاكمته هو و(17) شخصاً آخر في تاريخ السابع من يونيو حزيران لعام 2020 حيث وجه المدعي العام التهم التالية لأكبر طبري:
1. الاشتراك في تشكيل شبكة ارتشاء وادارتها.
2. قبول رشوة بمقدار 8 مليار تومان من المدعو حسن نجفي.
3. الحصول على ارض بمساحة 300 متر مربع في شارع كريم خان.
4. الحصول على ارض بمساحة 1657 متر مربع في منطقة لواسان في طهران.
5. التسهيل في الحصول على مبلغ قدره 100 ألف يورو.
6. الاستيلاء على شقة كانت مكتباً إداريا بمساحة 108 متر مربع.
7. غسيل أموال عن طريق تحويل مبلغ نقدي الى أسهم في شركة الاسمنت بمقدار 4 مليار و200 مليون تومان.
8. قبول رشوة مقدارها أكثر من 18 مليار تومان من المدعو رسول دانيال زاده.
9. الحصول على فيلا في بابلسر بعنوان رشوة.
10.غسيل الأموال وذلك بتحويل شقتين في روما الى فرهاد مشايخ.
11. غسيل الأموال وذلك بتحويل الفيلا التابعة لمصطفى نياز آذري الى السيدة
حكيمة شيرمحمدي.
12. التزوير واستخدام وثائق مزورة في قضية مصطفى نيازآذري.
13. التأثير وممارسة النفوذ واستغلال موظفي الدولة في قضية رسول دانيال زاده.
14. الحصول على ثلاث شقق من رسول دانيال زاده في برج فلورا.
15. التأثير وممارسة النفوذ في قضية اتهام وريا مولانايي.
16. التأثير واعمال النفوذ في قضية علي ديواندري.
وقد رفض السيد أكبر طبري هذه الاتهامات وقال بأنه خدم القضاء لمدة (20) عام ويرفض هكذا اتهامات ووصف بعض المتهمين الآخرين كفرهاد مشايخ وحسن نجفي بأنهم اخوته وهم مستعدون ان يعطوه (80) مليار تومان بدل 8 مليارات، لو أراد ذلك وكذلك لو طلب أن يعطوه كل منطقة لواسان لفعلوا ذلك ومخاطباً القاضي أن هؤلاء هم رفاقي وما ذنبي إن لم يكن لديكم هكذا رفاق. حيث رد عليه ممثل الادعاء العام بأن السيد طبري صادق في ادعائه لأنه حبيب قلوب المتهمين في الشأن الاقتصادي.
استمرت جلسات محاكمة السيد طبري ما يقارب ثلاثة أشهر، أدين على إثرها وحكم عليه بالحبس لمدة 31 عاماً بالإضافة الى مصادرة الأموال التي حصل عليها عن طريق الرشى وكذلك غرامة قدرها (100) مليار تومان وفصله الدائم عن العمل في الوظائف الحكومية.
حسين فريدون (شقيق الرئيس الإيراني)
وهو شقيق الرئيس الإيراني حسن روحاني وقد اتهم بقبول رشوة مقدارها (31) مليار تومان وبدأت محاكمته وتمت ادانته وحكم عليه بالحبس لمدة خمس سنوات بالإضافة الى غرامة نقدية ووجوب تسليم مبلغ الرشوة الذي سبق ذكره، وقال المتحدث باسم القضاء حينئذ أن وجود صلة قرابة مع أي مسؤول حكومي لا يمنع من محاسبة ذلك الشخص.
مهدي جهانكيري (شقيق نائب الرئيس إسحاق جهانكيري)
وهو أحد أصحاب رؤوس الأموال ومؤسسي أحد المصارف الإيرانية وقد اتهم بتهريب العملة الصعبة وتحصيل الأموال عن طريق أعمال غير مشروعة وقد أدين بكلتا التهمتين فحكم عليه بالحبس لمدة سنتين لتهريبه العملة الصعبة وارجاع المبلغ المقدر بـ (607) ألف يورو و (108) ألف دولار بالإضافة لغرامة تساوي أربعة اضعاف المبلغ الذي سبق ذكره وفي تهمة تحصيل الأموال من الاعمال الغير مشروعة بمبالغ تقدر بـ (45) مليار تومان تم الحكم عليه بالحبس لمدة سنتين ايضاً.
مصطفى الساعديمصطفى الساعديمصطفى الساعديمصطفى الساعديمصطفى الساعديمصطفى الساعديرمصطفى الساعديمصطفى الساعديمصطفى الساعديمصطفى الساعديمصطفى الساعديمصطفى الساعديمصطفى الساعدي