تعد العراق من الدول المهمة والرئيسية في المنطقة، والتي لا يمكن أن تكون دون دور مؤثر في محيطها، ولو غاب هذا الدور أو تراجع لبعض الوقت لأسباب داخلية أو خارجية، فإنه يعود ويطرح نفسه على أذهان النخبة السياسية في الداخل من ناحية، وعلى القوى في المنطقة من ناحية أخرى؛ حال تهيأت الظروف لذلك.وتسعى العراق حاليا للعودة للحضن العربى من خلال استخدام التقارب الاقتصادى في سبيل تحقيق التقارب السياسى التام وهو أمر إذا تحقق سيعود بالنفع على العراق من ناحية، وعلى جميع الدول العربية من ناحية أخرى وخاصة مصر.
تسعى مصر إلى المساندة للخطوات الإيجابية التى شرعت الحكومة العراقية فى تبنيها لاستعادة الأمن والاستقرار، كما تسعى إلى تمكين حكومة العراق من الوفاء بمتطلبات الوفاق والمصالحة بين مختلف مكونات الشعب العراقى لإحياء مفهوم الدولة الوطنية بعيداً عن أى تمايز عِرقي أو طائفي وتقديم الدعم اللازم لدحر التنظيمات الإرهابية المتطرفة. كما تسعى لإعادة تهيئة العراق والمشاركة في إعادة إعمارها.
وتسعى هذه الدراسة إلى الإجابة عن تساؤل رئيسى وهو: كيف تنوعت العلاقات العراقية المصرية بين التحالف والانحسار؟
محاولة تبنى مجموعة من التساؤلات الفرعية:-
1- ما هي الجذور التاريخية للعلاقات العراقية المصرية؟
2- كيف أثر سقوط نظام صدام حسين على طبيعة العلاقات العراقية المصرية؟
3- ما هى الجهود المصرية المبذولة لتطوير الأراضى العراقية؟
4- ماهى طبيعة التحديات الأمنية التي واجهت كلا البلدين؟
5- ما هى ثمار زيارة الرئيس السيسى للعراق؟
المبحث الأول: الجذور التاريخية للعلاقات العراقية المصرية
تنبثق الارهاصات الأولى للعلاقات المصرية العراقية، من العلاقة بين حضارة مصر الفرعونية وحضارة بلاد الرافدين (العراق). حيث ظهرت صلابة العلاقة في التأثيرات المتبادلة بين الحضارتين، وصور التفاعل المختلفة. فحضارة بلاد الرافدين قد أخذت عن مصر نظام الهرم المدرج في بناء معابدها. كما أخذت الحضارة المصرية نظام استخدام الأختام، وفن رسم الحيوانات المجنحة. كذلك كان هناك فترات صراع بين الحضارتين أبرزها، استيلاء الآشوريين على مصر إلى أن نجح الملك أبسماتيك في طردهم.
في العصر الحديث ارتبطت مصر والعراق بعلاقات وثيقة امتدت منذ بداية القرن العشرين ومازالت حتى الآن وذلك منذ حصول كلا البلدين على استقلالهما من بريطانيا وإقامة العلاقات الدبلوماسية بينهما.
كانت مصر والعراق من الدول المؤسسة لجامعة الدول العربية في منتصف أربعينيات القرن الماضي، وعقد البلدان العديد من الاتفاقيات الاقتصادية مثل السوق العربية المشتركة والاتفاقيات العسكرية مثل اتفاقية الدفاع العربي المشترك ومشروع الوحدة الثلاثية، وقدمت مصر دعماً دبلوماسياً قوياً للعراق.
تعد العلاقات المصرية العراقية علاقات تاريخية ومترسخة، حيث وقفت العراق بجانب مصر فى حرب أكتوبر 1973 ووقفت مصر بجانب العراق فى حربها ضد إيران خلال الفترة 1980-1988.
أهمية العراق بالنسبة لمصر
تقع العراق بالنسبة لمصر في الدائرتين العربية والإسلامية: وبالنظر في السياسية الخارجية المصرية، تُعد سوريا والعراق كعمودين أساسيين في سياسة مصر الخارجية في المحيط العربي_ الإسلامي. حيث تسعى مصر للتأكيد على عروبة العراق، ووحدتها وأنها دولة المواطنة لا دولة القوميات والطوائف والمذاهب. والقيادة المصرية الحالية تبحث عن إعادة اعمار العراق وتضميد جراحها، وتطرح الرؤى للعراق ما بعد داعش.
لقد مرت السياسة الخارجية المصرية في الدائرة العربية بثلاث مراحل منذ سنة 1952، وهي: الحقبة الثورية (1952- 1967)، ثم الحقبة البرجماتية (1967- 1981)، ثم الحقبة الاعتدالية التوسطية من سنة 1981 حتى الآن. وشهدت الحقبة البرجماتية خوض مصر حربين ضد اسرائيل. كما شهدت تلك الحقبة أقصى درجات التقارب والتنسيق العربي في أكتوبر 1973، وأشد درجات التمزق العربي ونبذ سياسات مصر وقطع العلاقات معها بعد زيارة الرئيس السادات لإسرائيل وتوقيع معاهدة السلام 1979.
كان مجيئ الرئيس مبارك للحكم سنة 1981، في فترة من أصعب فترات السياسة الخارجية المصرية، وأشدها حرجاً. حيث كان على الدبلوماسية المصرية ثِقَل كبير في تصحيح الأخطاء ومعالجة الخلل الذي لحق بعلاقات مصر الخارجية إقليميًا ودولياً. قام الرئيس مبارك بتوجيه السياسة الخارجية لمصر نحو العرب، وذلك بهدف إلغاء الحصار والقطيعة ومحاولة استعادة الدور القيادي لمصر.
تعد العلاقات المصرية العراقية علاقات تاريخية ومترسخة، حيث وقفت العراق بجانب مصر فى حرب أكتوبر 1973 ووقفت مصر بجانب العراق فى حربها ضد إيران خلال الفترة 1980-1988.
أهمية العراق بالنسبة لمصر
تقع العراق بالنسبة لمصر في الدائرتين العربية والإسلامية: وبالنظر في السياسية الخارجية المصرية، تُعد سوريا والعراق كعمودين أساسيين في سياسة مصر الخارجية في المحيط العربي_ الإسلامي. حيث تسعى مصر للتأكيد على عروبة العراق، ووحدتها وأنها دولة المواطنة لا دولة القوميات والطوائف والمذاهب. والقيادة المصرية الحالية تبحث عن إعادة اعمار العراق وتضميد جراحها، وتطرح الرؤى للعراق ما بعد داعش.
لقد مرت السياسة الخارجية المصرية في الدائرة العربية بثلاث مراحل منذ سنة 1952، وهي: الحقبة الثورية (1952- 1967)، ثم الحقبة البرجماتية (1967- 1981)، ثم الحقبة الاعتدالية التوسطية من سنة 1981 حتى الآن. وشهدت الحقبة البرجماتية خوض مصر حربين ضد اسرائيل. كما شهدت تلك الحقبة أقصى درجات التقارب والتنسيق العربي في أكتوبر 1973، وأشد درجات التمزق العربي ونبذ سياسات مصر وقطع العلاقات معها بعد زيارة الرئيس السادات لإسرائيل وتوقيع معاهدة السلام 1979.
كان مجيئ الرئيس مبارك للحكم سنة 1981، في فترة من أصعب فترات السياسة الخارجية المصرية، وأشدها حرجاً. حيث كان على الدبلوماسية المصرية ثِقَل كبير في تصحيح الأخطاء ومعالجة الخلل الذي لحق بعلاقات مصر الخارجية إقليميًا ودولياً. قام الرئيس مبارك بتوجيه السياسة الخارجية لمصر نحو العرب، وذلك بهدف إلغاء الحصار والقطيعة ومحاولة استعادة الدور القيادي لمصر.
تعد الحرب العراقية الإيرانية التى اندلعت في الفترة بين عامي 1980_ 1988أهم تطور إقليمي في عهد مبارك. ففي هذه الفترة قامت مصر بتقديم الدعم العسكري والاقتصادي للعراق ضد إيران. وكان نحو مليون مواطن مصري يعملون في العراق في فترة حكم الرئيس صدام حسين في وقت كان فيه العراق متقدماً ومتطوراً للغاية. وفى عام 1989 عادت مصر إلى الجامعة العربية إثر عودة العلاقات نوعاً ما إلى طبيعتها ولأهمية مصر التي لا يمكن إهمالها.
بعد انتهاء الحرب الباردة في التسعينات، لعبت مصر أدواراً جادة في تشكيل الشرق الأوسط الجديد. وأتي على رأس هذه الأدوار ما قامت به مصر في حرب الخليج التي تم إعلانها ضد احتلال صدام حسين للكويت. مثال على ذلك، كانت الوحدات المصرية ضمن قوات التحالف هي من أوائل الوحدات العسكرية التي وصلت إلى المملكة العربية السعودية. وخرجت مصر من هذه الحرب بمكاسب مادية كبيرة حيث تلقّت مساعدات مالية من دول الخليج أثناء الحرب وبعدها، كما تم إلغاء ديونها البالغة 20 مليار دولار المستحقة للولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي ودول الخليج. الخسارة التي مني بها صدام أدّت إلى إضعافه مما أسفر عن ضعف وتقهقر المعسكر القومي المعادي للغرب في العالم العربي وازدياد المعسكر المؤيد للغرب قوة.
وعلى الرغم من اختلاف حسنى مبارك مع صدام حسين، إلا أنه عارض الاحتلال الأمريكي للعراق في عام 2003 على عكس دول الخليج.
شهدت العلاقات المصرية العراقية انفراجا مرة أخرى في عام 2007 حيث كانت مصر من أوائل الدول المستضيفة لمؤتمر دول جوار العراق فى شرم الشيخ، بالإضافة إلى التنسيق المستمر بين الدولتين فى سبيل إعادة العراق إلى مكانتها ودورها فى معادلة الأمن العربي، وتجسد ذلك فى عدة لقاءات للتنسيق المشترك بين الدولتين.
تشهد الفترة الحالية في ظل حكم الرئيس عبد الفتاح السيسي جهود مكثفة لتقوية العلاقات المصرية العراقية. تشير إلى أنَّ العمل المشترك بين البلدين، مصالح الشعبين المصري والعراقي، الانتعاش الاقتصادي، زيادة التبادل التجاري، توفير فرص الاستثمار، والتعاون البنَّاء، أهم المحاور التي ستسير خلالها استراتجية مصر في تعاملها مع العراق. المبحث الثانى: سقوط نظام صدام حسين وأثره على طبيعة العلاقات العراقية المصرية
إن سقوط النظام العراقي برئاسة الرئيس السابق صدام حسين، فتح الباب أمام جهود تسوية العلاقات العربية بصفة عامة مع العراق والعلاقات المصرية بصفة خاصة. وفي يوليو 2004 استقبل الرئيس المصري السابق، محمد حسنى مبارك”، الدكتور اياد علاوي، رئيس الحكومة العراقية المؤقتة، كما أعلن الرئيس مبارك عن دعم مصر الكامل للحكومة العراقية الجديدة وتقديم العون والمساعدة في إعادة تأهيل الشرطة العراقية واعادة الانضباط الأمني للشارع العراقي. فمصر كانت من أوائل المباركين على الحكومة الجديدة. حيث كانت مصر من أعلى الدول العربية في التبادل التجاري مع العراق.
تمثل الأوضاع الأمنية القاسم المشترك لجميع مفاصل الحياة لأي بلد، ويتفق الجميع على أن الوضع الأمني للعراق، قد ألقى بظلاله على مختلف أوجه الحياة بعد الغزو الأمريكي للعراق 2003. حيث ترتب على أثر هذا الوضع الأمني اختطاف السفير المصري المعين في العراق إيهاب الشريف وقتله في يوليو 2005 من قبل مسلحين مجهولين، مما كان له أبلغ الأثر على الموقف المصري وانعكاس ذلك سلباً على العلاقات مع العراق.
في 2007، عادت العلاقات مجددا ونجح مؤتمر دول جوار العراق الذي تبنته مصر ودعت إليه في مدينة شرم الشيخ، حيث تم إطلاق وثيقة العهد الدولي مع العراق لدعمها.
في 2011 عقب ثورة يناير أيدت العراق مصر وأثنى رئيس الوزراء العراقى نورى المالكى حينها على الانتقال السلمى للسلطة في مصر. وعقب ثورة يونيو 2013، بعث رئيس الوزراء العراقي، رسالة تهنئة إلى المستشار عدلي منصور، بمناسبة تسلمه منصبه الجديد رئيسا مؤقتا لمصر وأعرب عن تطلعه لأن تشهد العلاقات بين كلا البلدين المزيد من التقدم والازدهار.
ومع وصول الرئيس المصري الحالي عبد الفتاح السيسي إلى الحُكم في مصر عام 2014، تغيَّرت اتجاهات النظام الحاكم، فلم يكتفِ الرئيس المصري بالتحالف الخليجي، بل سعى لنسج خيوط علاقات جديدة مع دول أخرى، بادئا بطرق أبواب بغداد ومغازلة قياداتها، عبر شنّ هجوم على الاستفتاء الذي دعا إليه الأكراد للانفصال عن العراق، لتبدأ مصر بعدها مباحثات لتفعيل الروابط السياسة مع الحكومة العراقية، بهدف زيادة التبادل التجاري الذي تضاعف خلال ثلاث سنوات فقط من 800 مليون دولار عام 2015 إلى مليار و650 دولار خلال عام 2018.
المبحث الثالث: المساعى المصرية لتطوير الأراضى العراقية
تتمثل الجهود المصرية الحالية لتطوير الأراضى العراقية فى العديد من المشروعات التي شرعت مصر في تنفيذها للنهوض بالعراق وإعادتها لمكانتها الإقليمية، ومن أبرز هذه المشروعات مايلى:
1- مشروع إعادة الإعمار
كان من المفترض أن تذهب كعكة إعادة الإعمار إلى إيران التي استأثرت بنصيب كبير من السلاح والسياسة في العراق بعد الغزو الأميركي. وتكشف الوثائق المُسرَّبة للاستخبارات الإيرانية، التي نشرتها صحيفة "نيويورك تايمز" عام 2019، أن طهران طلبت من رئيس الوزراء العراقي السابق عادل عبد المهدي أن تكون لها الحصة الأكبر في إعادة الإعمار، بالنظر لما لها من دور كبير في القضاء على تنظيم الدولة. لم تكتفِ طهران بذلك، بل وجَّهت تحذيرا ضمنيا للعراق على لسان وزير خارجيتها قالت فيه: "إذا قرَّرت شركة أوروبية أو أميركية المجيء إلى العراق للقيام بأعمال الإعمار، فإن تكاليف تلك الشركة لحماية عُمَّالها وكوادرها ستكون أكثر مما تنوي إنفاقه من أجل إعادة الإعمار والبناء"، في إشارة مُبطَّنة إلى احتمالية استهدافها من الميليشيات العراقية الموالية لطهران.
في المقابل، استفادت مصر من صفقة "النفط مقابل الإعمار"، حيث تحصل حاليا بموجب اتفاق وُقِّع في أواخر العام الماضي على 12 مليون برميل سنويا من خام البصرة الخفيف بسعر أقل من متوسط السوق العالمي بثلاثة دولارات، إضافة إلى إعفاء البضائع المصرية من التعريفة الجمركية. ومؤخرا، استعدَّت القاهرة أكثر للصفقة عبر إنشاء وحدة داخل اتحاد الغرف التجارية المصرية مختصة فقط بمتابعة مشاريع إعمار العراق.
أتت الصفقة المصرية العراقية ثمارها سريعا، بعدما توصَّل الطرفان إلى اتفاق تُصدِّر بموجبه مصر مواد بناء إلى العراق بنحو مليار دولار سنويا؛ وهو ما يعني خسارة إضافية لإيران التي احتكرت تلك السوق لسنوات. وبعدها، حصلت أكبر سبع شركات مصرية في مجال المقاولات بالفعل على موافقة مبدئية للعمل في العراق، ولم يقتصر الأمر على قطاع الإنشاءات، حيث توجد 14 شركة نفط مصرية من المُقرَّر أن تعمل أيضا في البلاد.
في الحقيقة تمتلك مصر العديد من المقومات التي تؤهِّلها لتقديم المساعدة للعراق في إعادة الإعمار، وعلى رأسها الخبرات الكبيرة والطاقة الفائضة في مجال الإنشاءات ومواد البناء.[2]
1- مشروع الشام الجديد
في أغسطس الماضي، استقبل الملك الأردني عبد الله الثاني في العاصمة الأردنية كلًّا من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، في قمة ثلاثية هدفت إلى توسيع التعاون الاقتصادي والتجاري بين الدول الثلاث. ونُظِر للقمة آنذاك على ضوء ما يُسمَّى بمشروع الشام الجديد، الذي يهدف إلى ربط الدول المشاركة فيه بواسطة ترتيبات اقتصادية وسياسية، تزامنا مع التحوُّلات الإقليمية التي تشهدها المنطقة العربية. ويهدف المشروع إلى مد أنبوب نفطي من البصرة إلى ميناء العقبة في الأردن، ومن ثم إلى مصر، ويشترك العراق في المشروع بضخ إمكاناته النفطية، وسيُقدِّم الأردن موقعه الإستراتيجي بين بغداد والقاهرة لإنجاح المشروع، بينما تُقدِّم القاهرة إمكاناتها البشرية وخبراتها الفنية.
يهدف "الكاظمي" من ذلك المشروع إلى تقديم نموذج مختلف للعراق يُؤكِّد من خلاله استقلاليته عن المحاور التي ركن إليها على مدار عقدين منذ الغزو الأميركي، إلى جانب البحث عن مورد جديد للكهرباء يُقلِّل اعتماد بغداد على الطاقة الإيرانية، والبحث عن إطلالة بحرية عبر مصر نحو المتوسط وأوروبا. ويُعتبر العراق ثاني أكبر مُنتِج للنفط في منظمة "أوبك" بعد السعودية، بمتوسط يومي 4.6 ملايين برميل، ويهدف لرفع إنتاجه ليفوق سبعة ملايين برميل يوميا بحلول عام 2025، وهي ورقة القوة التي تستند إليها الحكومة العراقية لإعادة الاستقرار إلى العراق.
لا تقل مكاسب القاهرة من ذلك المشروع عمَّا سيجنيه "الكاظمي"، فالخط نفسه سيكون امتدادا لعدة مشروعات تُعوِّل عليها القاهرة كثيرا، منها إنشاء خط بري لنقل العمالة والمنتجات المصرية إلى تلك الدول العربية، وبموجب الاتفاق سيستورد العراق الكهرباء من مصر، بما يُقلِّل اعتماده على إمدادات الطاقة الإيرانية. وتستورد بغداد حاليا 30-40% من احتياجات الطاقة الخاصة بها من إيران، وهو ما يُمثِّل 80% من الصادرات الإيرانية في قطاع الطاقة، ومن ثمَّ ستفقد إيران حصة مُعتبَرة في هذا المجال أيضا، في وقت تتطلَّع فيه القاهرة إلى أن تصبح مركزا إقليميا لتصدير الكهرباء.
بعيدا عن المكاسب الاقتصادية للمشروع، تدعم الولايات المتحدة التقارب العراقي مع مصر والدول الخليجية عموما بهدف تقليص النفوذ الاقتصادي الإيراني في بغداد قدر الإمكان، وسحب العراق من مجال الهيمنة الإيرانية اقتصاديا وسياسيا. لن يكون الأمر سهلا بالطبع، لا سيما وطهران تُمسك بخيوط سياسية وعسكرية مهمة في بغداد يصعُب تجاوزها في ليلة وضحاها. بيد أن السجل المصري في الشام عموما، المُبتعِد عن الانخراط مباشرة في المعارك الجارية منذ غزو العراق، والانحسار الكبير في شعبية طهران وأنقرة والرياض بسبب انخراطهم المباشر في الصراعات، يعني أن القاهرة تملك نقطة انطلاق جيدة لكي ترسم دورا لها في بغداد؛ يتجاوز تدريجيا مصانع الأسمنت وخطوط الطاقة. ولعل في اقتناص فريق مصري مشروع ترميم المسجد النوري إشارة إلى ما تمتلكه القاهرة من إمكانيات للعب دور سياسي وثقافي أكبر مع الوقت.
2- مشروع الخط البرى بين مصر والعراق والأردن
أعلنت مصر والأردن والعراق عن «خط بري لنقل الركاب بين الدول الثلاث بسعر تذكرة 130 دولاراً». وأكد وزير النقل المصري كامل الوزير، وسفير الأردن بالقاهرة أمجد العضايلة، أن «الخط يهدف إلى تسهيل التنقل بين الدول الثلاث وحركة العمالة المصرية لهذه الدول وحركة الطلاب والدارسين من هذه الدول إلى مصر».
وبحث كامل الوزير والعضايلة أوجه التعاون المشترك بين الجانبين. كما تم التباحث بينهما حول سبل دعم التجارة بين البلدين، من خلال تذليل جميع العقبات في موانئ الوصول، وتسهيل نقل المنتجات المصرية إلى الأردن، ومنها إلى الدول العربية مثل العراق وسوريا، وكذلك ضرورة تطوير شركة الجسر العربي (المملوكة لمصر والأردن والعراق)، وفتح أسواق جديدة لها لخدمة حركة التجارة بين الدول الثلاث ودول شرق أفريقيا». وتطرقت المناقشات أيضاً إلى «التعاون في مجال السكك الحديدية».
المبحث الرابع: التحديات الأمنية ومكافحة الإرهاب
مرت مصر والعراق بظروف صعبة للتحول نحو الديمقراطية، ففي حالة العراق تم ذلك عن طريق تدخل خارجي وفى مصر اندلعت ثورثان استنزفتا مقدرات البلاد، ففي البلدين لم يكن التحول نحو الديمقراطية بطريقة خالية من المصاعب والتضحيات وهو للوهلة الأولى يبدو شديد الاختلاف عن الإرهاصات الأولى للربيع العربى الذى تميز بالسلمية.
بعد انهيار الأنظمة الحاكمة ظهرت طائفة من التهديدات والأخطار الأمنية مع المرحلة الانتقالية مثل نشاط الجماعات الجهادية في مصر. ونجحت مصر فى مكافحة الإرهاب، حيث تمكنت من تحقيق الاستقرار والأمن دون المساس بحقوق الإنسان المصرى. وتمثل التجربة المصرية نموذجا تسعى مصر لتصديره للعراق ولغيرها من الدول، لتتمكن من مكافحة التنظيمات المتطرفة بالإضافة للقيام بعملية تنمية واسعة فى ذات الوقت.
يعد تنظيم داعش من أكبر التحديات الأمنية التى واجهت الدول العربية عقب إندلاع ثورات الربيع العربى وهو تنظيم مسلَّح يتبع فكر جماعات السلفية الجهادية، ويهدف أعضاؤه إلى إعادة الخلافة الإسلامية وتطبيق الشريعة، ويتواجد أفراده وينتشر نفوذهم بشكل رئيسي في العراق وسوريا مع أنباء بوجودهم في مناطق دول أخرى مثل جنوب اليمن وليبيا وسيناء وزعيم هذا التنظيم حالياً هو أبو إبراهيم القرشي.
كانت العراق تعتبر مقرا رئيسىا لتدريب وتجهيز عناصر المقاتلين في داعش، حيث تواجد بها 10 معسكرات على الأقل لتدريب تلك العناصر، لكن في الوقت الحالي ومن خلال التطورات الأخيرة فإن التنظيم بدأ يترنح نتيجة توجيه العديد من الضربات الأمنية المكثفة لمعاقل التنظيم واعتقال الكثير من القيادات.
يتمتع الأكراد بحكم ذاتى في شمال العراق، وساهم قوة تنظيم الأكراد في زيادة تدهور أوضاع داعش، حيث سعت الإدارة الأمريكية إلى تسليح الأكراد في العراق واعتمدت عليهم في مواجهة داعش واتضح ذلك عبر مشروع قرار تم تقديمه للكونجرس الأمريكي يسمح بتسليح الأقليات "السنة والأكراد".
في ديسمبر عام 2017 أعلن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي عن سيطرة القوات العراقية على معظم الحدود السورية العراقية، وأكد على نهاية الحرب ضد تنظيم داعش في البلاد.
المبحث الخامس: زيارة الرئيس السيسى للعراق
في أغسطس الماضى انعقد مؤتمر في العاصمة العراقية بغداد، التقى فيه الرئيس المصرى عبدالفتاح السيسى برئيس وزراء العراق مصطفى الكاظمى.
وأكد في هذا المؤتمر السيد مصطفى الكاظمي على تقدير بلاده للجهود المصرية الداعمة للشأن العراقي على كافة الأصعدة، وأعرب عن تطلعه لتعزيز أطر التعاون مع مصر، سواء على المستوى الثنائي أو في إطار آلية التعاون الثلاثي مع الأردن، وذلك للاستفادة من تجربة النجاح المصرية الملهمة على صعيد بناء مؤسسات الدولة وتحقيق التنمية المستدامة والمشروعات القومية ونقلها إلى العراق، خاصةً في مجال البنية التحتية والطاقة الكهربائية، فضلاً عن تعزيز مجالات التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري، مع تثمين الدور المصري الداعم للعراق، والذي يمثل عمقاً استراتيجياً لبلاده على المستوين الإقليمي والدولي، لا سيما فيما يتعلق بمواجهة التحديات المشتركة، وعلى رأسها مكافحة الإرهاب وتحقيق الأمن والاستقرار والتنمية .
من جانبه؛ أعرب الرئيس عن اعتزازه بزيارة بغداد مجدداً، والتي تأتي تعزيزاً للثوابت الراسخة للسياسة المصرية بدعم العراق وتعظيم دوره القومي العربي، فضلاً عن تقديم الدعم الكامل للشعب العراقي على مختلف الأصعدة، ومساعدته على تجاوز كافة التحديات، لا سيما ما يتعلق بحربه على الإرهاب، واستعادة الأمن والاستقرار، سواء في إطار آلية التعاون الثلاثي مع المملكة الأردنية الشقيقة، أو على المستوى الثنائي من خلال إقامة شراكة استراتيجية بين البلدين الشقيقين تعتمد على التكامل وتحقيق الأهداف التنموية المشتركة، كما أكد على أهمية الإسراع في عملية تنفيذ المشروعات المشتركة بين مصر والعراق، بحيث تتواكب الإنجازات الاقتصادية مع نظيرتها السياسية بين الجانبين .
وشهد هذا اللقاء التطرق إلى مجمل العلاقات الثنائية المشتركة، خاصةً متابعة الموقف التنفيذي لمشروعات التعاون الثنائي في مختلف المجالات، فضلاً عن متابعة تنفيذ المشروعات المنبثقة عن آلية التعاون الثلاثي مع الأردن، مع التأكيد في هذا الإطار على ضرورة البناء على مخرجات اجتماع القمة الأخير في بغداد في يونيو الماضي.
كما تم استعراض الوضع السياسي والأمني في المنطقة، بالإضافة إلى تطورات عدد من القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك فضلاً عن الجهود القائمة المشتركة بين البلدين الشقيقين لمكافحة الإرهاب والفكر المتطرف وإرساء دعائم الأمن والاستقرار.
نجاة عبد القوى عون نجاة عبد القوى عون نجاة عبد القوى عون