الحمى النزفية واقع العراق من حيث طبيعتها وتأثيرها

I'm an image! ٠٣ / مايو / ٢٠٢٢

 

الحمى النزفية واقع العراق من حيث طبيعتها وتأثيرها

د.فؤاد يونس حسين

منذ عام 1979  والعراق يعتبر من الدول التي يتوطن فيها فايروس الحمى النزفية (وتسمى رسميا بحمى القرم-الكونغو النزفي) وذلك وفقا للتقارير الوبائية الصادرة من المؤسسات الصحية العالمية . ومنذ ذلك الوقت وموجات من الاصابات المتفرقة تحدث في العراق واخرها الحالات التي ظهرت مؤخرا في ذي قار والنجف مطلع عام 2022.

و يمتلك العراق عدد كبير من المواشي والابقار والماعز والاغنام ويمتهن مهنة الرعي وبيع اللحوم والقصابة عدد كبير من العراقيين خصوصا في الاماكن الريفية والمحافظات حيث تعتبر هذه الحيوانات ناقل رئيسي للفايروس.

ان سبب الاصابة في الحمى النزفية  هو فايروس (نايروفايروس)  تحمله حشرة القراد وتم اكتشاف المرض للمرة الاولى في مدينة القرم عام 1944 وبعد ذلك اصبح السبب الرئيسي للاصابة في الكونغو عام 1969 لذا تم منحه هذا الاسم المشترك (حمى القرم- الكونغو النزفي).

 

طرق العدوى والانتقال

تعتبر لسعات حشرة القراد هي الناقل الرئيسي للفايروس والناقل الثاني هو الحيوانات البرية والداجنة كالبقر والماعز والخراف والارانب  . تتم عملية العدوى عن طريق اللسعات من الحشرات او التعرض لدم الحيوانات المصابة بالفايروس . ويتم انتقال المرض من شخص الى اخر عبر التعرض للدم او السوائل الملوثة للشخص المصاب. وقد تم توثيق حالات انتشار للمرض في المستشفيات نتيجة لاهمال  او غياب اساليب التعقيم الصحيحة للمعدات والادوات الطبية وكذلك اعادة استخدام ابر الحقن الملوثة او تلوث المعدات والمواد الطبية بالفايروس .

 

اعراض وعلامات الاصابة بالمرض

عملية الاصابة تحدث فجاءة وتبدأ بالاعراض الاولية التي تشمل الصداع والحمى العالية والام الظهر والمفاصل والمعدة وكذلك التقيوء والعلامات الاخرى تشمل احمرار العين والوجه وتواجد مناطق حمراء في الفم والحلق. مع تقدم المرض عند المصاب تزداد حدة الاعراض لتشمل مناطق كبيرة من البقع الحمراء في الجسم ونزيف في الانف وكذلك نزيف مستمر في اماكن حقن الابر وتحصل هذه العلامات في اليوم الرابع من الاصابة وتستمر لمدة اسبوعين .وفق التقارير الطبية فان نسبة الوفيات فيما بين المصابين الراقدين في المستشفى تترواح بين 9 % الى 50 %  .

 

 

 

 

من هم الاشخاص الاكثر عرضة للاصابة بالمرض ؟

رعاة المواشي والاغنام والعاملين في صناعة اللحوم والمذابح والقصابين هم الاشخاص الاكثر عرضة للاصابة بالمرض وذلك لتعرضهم المستمر لدم الحيوانات يوميا . كذلك العاملين في القطاع الصحي من اطباء والاطباء البيطريين والممرضين والمختبريين وعمال النظافة هم الاكثر عرضة للاصابة بالمرض من خلال تعرضهم لخطرالعدوى من خلال التعرض للسوائل ودم المرضى المصابين بدون ان يتم استخدام طرق الوقاية والحماية المعتمدة .من الجدير بالذكر ان هنالك عدة تحاليل مختبرية قادرة على الكشف وتشخيص المرض والتي تشمل التحاليل الاتية: ELISA RT-PCR ,  .

  

العلاج واللقاح وطرق الوقاية

لا يوجد علاج للمرض والعلاج المتوفر هو العلاج الساند والذي يشمل المحافظة على توازن السوائل في الجسم والاوكسجين وعلاج العدوى الثانوية التي تحصل نتيجة لضعف مناعة الجسم انثاء الاصابة بالحمى النزفية. كما لايوجد لقاح لهذا الفايروس لحد الان .

يتوجب على المزارعين والعاملين في تربية المواشي والاغنام  ارتداء ملابس تقيهم من لسعة القراد وكذلك استخدام مادة ال DEET  والتي تكون فعالة لطرد حشرة القراد . اما في القطاع الصحي وخصوصا المستشفيات فان ارتداء القفازات الطبية والملابس الواقية  الطبية يعد ضروري للغاية من اجل حماية العاملين في القطاع الصحي وعدم انتقال المرض في المستشفيات. ومن اساليب الوقاية ايضا تجنب التعرض للسوائل ودم الحيوانات والاشخاص الذين اظهروا علامات الاصابة بالفايروس.

 

الحصيلة الاحصائية للاصابة في العراق حاليا

اعلنت وزارة الصحة العراقية اواخر شهر ابريل عن ثبوت 20 اصابة بمرض الحمى النزفية واربع وفيات وكذلك هنالك حالات مشتبه بها لم يتم تاكيد الاصابة لحد الان وثبتت هذه الحالات في محافظتي ذي قار والنجف . لذا فان المناطق الجنوبية في العراق وخصوصا المحافظات المجاورة لذي قار والنجف تعتبر الاكثر خطورة لانتشار المرض وعليه يتوجب على السلطات المعنية اتخاذ كافة الاجرائات اللازمة للوقاية والسيطرة على طرق الذبح غير الرسمية وكذلك زيادة وعي المواطنين حول هذ المرض وخطورته وطرق الوقاية منه.

   

 العوامل التي تؤدي الى تفاقم انتشار المرض في العراق

1-     كثرة رعي المواشي والابقار والغنم والماعز في المدن واطرافها وبيعها وسلخها بطرق بدائية لا يراعى فيها الضوابط الصحية .

2-     اهمال طرق الوقاية الضرورية في المستشفيات الحكومية والاهلية وضعف الرقابة عليها.

3-     اهمال التعليمات الطبية لطرق التعقيم السليمة للادوات والمواد والاجهزة الطبية المستخدمة في التداخلات الجراحية في المستشفيات في العراق.

4-     الاهمال وسوء التصرف في النفايات الطبية الناتجة عن المستشفيات والتي يجب عزلها والتخلص منها بمعزل عن النفايات المنزلية .

5-     التعرض وسهولة الوصول للنفايات الطبية كالابر وادوات الجراحة وغيرها من قبل العاملين في نبش النفايات بحثا عن المواد ذات الفائدة المادية والتي يمكن اعادة بيعها مرة اخرى حيث يتم التخلص من النفايات الطبية في نفس المواقع التي يتم التخلص فيها من النفايات المنزلية مما تعرض حياة هؤلاء العاملين الى الاصابة بالمرض من خلال الابر الملوثة.

6-     غياب الوعي والثقافة الصحية والوقائية لدى عامة الناس وخصوصا اولئك العاملين في تربية المواشي والاغنام وعدم ادراكهم لخطورة الاصابة بالمرض والذي ربما يؤدي الى الموت.

 

 لقد قامت منظمة الصحة العالمية مؤخرا بالتعاون مع وزارة الصحة العراقية بتنظيم ورشة عمل لمدة ثلاث ايام لبناء قدرات فرق الاستجابة السريعة العاملة في وزارة الصحة العراقية والتي تشمل 42  طبيب وطبيب بيطري ومختبري والعاملين في القطاع الصحي و الباحثين في الامراض الانتقالية لاكثر من 13 محافظة عراقية. ومن جانبها فان على الحكومة العراقية تفعيل ومراقبة تنفيذ كافة الاجراءات الاحترازية والرقابية للحد من انتشار المرض بين العراقيين  بالاضافة الى تشكيل لجنة طواريء سريعة من الوزارات المعنية بالامر (وزارة الصحة , وزارة الزراعة , وزارة البيئة , وزارة الداخلية  , هيئة الاعلام والاتصالات)  لاتخاذ اجراءات سريعة تساعد للحد من انتشار المرض . ويقع دور مهم على كاهل الاعلام العراقي من اجل تكثيف الحملات الدعائية والتوجيهات الوقائية وبثها عبر وسائل الاعلام والاتصالات لايصالها لاكبر عدد ممكن من اجل زيادة الوعي والثقافة الصحية لدى العامة مما يساعد ايضا من الحد من انتشار المرض.

وكذلك يجب ان لا ننسى دور وسائل التواصل الاجتماعي (فيسبوك, تويتر , انستغرام, تيك توك الخ ) في ايصال رسائل توعوية ووقائية لعموم الناس وخصوصا في جنوب العراق حيث ان استخدام الانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي لايقتصر على المتعلمين بل يتعداه الى كل مستويات المجتمع وله تاثير كبير جدا لو تم استخدامه على النحو الذي لايسبب هلع ورعب لدى الناس فانه سيوصل رسائل واضحة تحمل معلومات مفيدة للناس تقيهم الاصابة من المرض وتجنبهم عواقبه الوخيمة والتي ممكن ان تصل الى الموت في بعض الاحيان.