کيف استقبل الإعلام الإيراني زيارة الکاظمي إلی طهران

I'm an image! ٣١ / يوليو / ٢٠٢٣

کيف استقبل الإعلام الإيراني زيارة الکاظمي إلی طهران

تکهنات دارت في فلک الوساطة بين طهران و الرياض، ازمة تشکيل الحکومة وقمة جدة الإقليمية

رضا الغرابي القزويني

کان متوقعاً ان تأخذ زيارة مصطفی الکاظمي رئيس الوزراء العراقي إلی ايران التي حصلت يوم الأحد 2022/6/26، اهتماماً کبيرا من الجانب الإيراني و وسائل الإعلام الإيرانية، وإن هذه الزيارة کانت مختلفة عن الزيارة السابقة للکاظمي إلی ايران نظراً للظروف الداخلية في العراق، والتطورات الاقليمية والغموض الذي يلتف حول مستقبل المنطقة خصوصاً في ظل الزيارة المرتقبة للرئيس الامريکي "جو بايدن" إلی المنطقة بوجه عام والسعودية بوجه خاص وعقد قمة خليجية عربية، بالإضافة إلی ملف المفاوضات النووية الإيرانية کل هذا جعل من هذه الزيارة التي جاءت بعد يوم من زيارة الکاظمي إلی السعودية ان تکسب اهتماماً کبيراً من الصحف الإيرانية، حتی اذا اختلفت هذه الصحف في أسباب أو سبب هذا الزيارة.

هناک محاور عدة في التحليلات حول اسباب زيارة الکاظمي برزت في الصحافة الإيرانية، وان الصحف المقربة إلی الحکومة لزمت جانب الإحتياط و الحذر في التحليل و اعتبرت ان الزيارة جاءت لتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين و توقيع اتفاقيات، من هذه الصحف :-

1-  صحيفة ايران الرسمية والتابعة للحکومة جاء عنوانها " الجيران في فلك ايران" اعتبرت ان زيارة الکاظمي هي جزء من سياسة و دبلوماسية الجوار للرئيس ابراهيم رئيسي وقامت بنقل الوقائع والتصريحات في المؤتمر الصحفي المشترک بين الکاظمي و رئيسي، ومنها التأکيد علی التسريع في ربط السکک الحديدية بين ايران و العراق و تسهيل الزيارة الأربعينية و الاتفاق علی تعزيز العلاقات التجارية بين البلدين و التأکيد علی الحوارات الاقليمية، ولم تتطرق الصحيفة إلی إي تحليل دار في الصحف و بين المحللين و المراقبين السياسيين عن اسباب الزيارة وتحدثت عن الزيارة بغض النظر عن ان ضيف الجمهورية الإسلامية هو رئيس وزراء تصريف أعمال و لا تستطيع حکومته فعل الکثير.

2-  صحيفة وطن امروز الأصولية و الداعمة للحکومة حيث عنونت الصحيفة الزيارة " النظام الإقليمي الإيراني" وهو لا يختلف کثيرا عن السابقة، واعتبرت ان الزيارات الخارجية الاخيرة إلی طهران منها زيارة وزير الخارجية الروسي و رئيس الوزراء العراقي دليل علی ان الشرق الأوسط اصبح نقطة فاعلية ايران، وصحيفة وطن امروز قامت بترديد أحد ابرز التحليلات حول زيارة الکاظمي إلی ايران و هي  الوساطة بين الرياض و طهران و اعتبرت ذلک الهدف الرئيس من الزيارة لکن هذا الهدف لم يکن الوحيد بل تداعيات التطبيع بين عدد من دول المنطقة و اسرائيل ايضا کان حاضرا في حوارات الکاظمي في طهران بالإضافة إلی تسهيل العلاقات التجارية و المصرفية بين البلدين و الزيارة الأربعينية.

3-   صحيفة فرهيختکان الأصولية من خلال تحليلها لزيارة الضيف العراقي، اخذت جانبا مختلفاً عن نظيراتها الأصولية و حتی الإصلاحية، "تثبيت کرسي رئاسة الوزراء و انقاذ السعودية" هو العنوان الذذي اختارته الصحيفة حتی تظهر ان هناک تحليلات ايرانية غير متفائلة تجاه زيارة الکاظمي إلی طهران، و کتبت الصحيفة: « زيارة الکاظمي إلی ايران اکثر من أن تکون زيارة اقليمية، يبدوا انها زيارة من أجل تثبيت الکرسي، الزيارة تأتي في ظل انتهاء حکومة الکاظمي والظروف السياسية التي يواجهها العراق لذلک مثل هذه الزيارات تكسبه النقاط، لان بعضاً من رؤوساء وزراء الحكومات العراقية في الحکومات العراقية السابقة عندما کانوا يريدون البقاء في السلطة، يقومون بإظهار انفسهم شخصيات محايدة تمتلک علاقات جيدة مع جميع الدول».

تطرقت الصحيفة إلی موضوع وساطة الکاظمي بين ايران والسعودية الذي تناولته غالبية الصحف العربية والإيرانية لکنها اظهرت انها غير مقتنعة بخبر قناة الميادين التي نشرت الخبر لأول مرة، تعتقد فرهيختکان ان المحادثات السعودية-الايرانية وصلت إلی المحطات النهائية والجميع ينتظر إعادة فتح البعثات الدبلوماسية والسفارتين، لذلک يبدو ان هناک اسبابا أخری.

 إضافة إلی ذلک، وتضيف الصحيفة ان شرح موقف العراق من قمة جدة الاقليمية المرتقبة للمسؤولين الإيرانيين وکسب دعم ايران من أجل حصوله علی رئاسة الوزراء للمرة الثانية من ضمن التحليلات التي اهتم بها المحللون في هذا المجال ويقول المحلل السياسي الإيراني حسن هاني زادة لفرهيختکان ان الکاظمي زار ايران من أجل منع تأسيس حلف ناتو عبري– عربي والحوار مع المسؤولين الايرانيين حول مساعي الولايات المتحدة والسعودية لتشکيل هذا الحلف. و يعتقد هاني زادة ان الوساطة بين السعودية وايران تکون الهدف من الزيارة لأن هناک تطورات ايجابية في المحادثات و الکاظمي يريد مسک العصا من الوسط من خلال تحسن العلاقات بين طهران و الرياض والسيطرة علی المجتمع العراقي المنقسم بين المؤيد للعلاقات مع ايران و اصحاب فکرة التقارب العربی. ويعتقد هاني زادة ايضا ان الکاظمي من خلال زيارته إلی ايران يطلب من الايرانيين الضغط علی مقتدی الصدر من أجل اعادة نواب الصدر إلی البرلمان و التراجع عن الاستقالة !.

اما المحلل الإيراني "جعفرقناد باشي" يختلف تماما مع هاني زادة ويعتقد ان الزيارة تفتقد إلی برنامج و اجندة استراتيجية لأن الکاظمي هو رئيس وزراء مؤقت و لذلک لايستطيع توقيع اتفاقيات طويلة مع ايران، والزيارة لها ابعاد داخلية لأن العراق في بداية الصيف بحاجة إلی الطاقة والکهرباء ولم توفي إي دولة في المنطقة بتعهداتها تجاه العراق سوی ايران، کما ان التفاهم في قضية الزيارة الاربعينية ستکسب للکاظمي مقبولية بين العراقيين، وان الکاظمي يريد تثبيت مکانته من خلال هکذا زيارات.

4-  صحيفة شرق الإصلاحية التي اظهرت نفسها متفائلة تجاه الزيارات الأخيرة التي قام بها شخصيات مؤثرة مثل وزير الخارجية الروسي وممثل الاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية  الی ايران، لن تضيف شيء جديد علی تکهنات وتفسيرات الصحف والإعلام حول الزيارة لکن اعطت اهمية لهذا الزيارة لأنها اعتبرت ان تواجد الکاظمي في ايران للوساطة بين طهران والسعودية، اعطى زخما مختلفاً وايجابياً للمحادثات الدبلوماسية الغربية في ايران.

اضافت الصحيفة ان العراق مارس دوراً هاماً في بدء المحادثات السعودية-الايرانية واستمرارها ويبدو ان العراق متحمس لممارسة هذا الدور، وخصت صحيفة شرق الجزء الأکبر من تحليلها حول اسباب الزيارة إلی التطورات الحالية في المحادثات السعودية-الايرانية.

5-   صحيفة آرمان امروز الاصلاحية خلافاً للکثير من الصحف الايرانية اعتبرت ان اهم سبب لزيارة الکاظمي إلی طهران هو تثبيت مکانته کرئيس للوزراء و اعادة انتخابه، وتعتقد الصحيفة ان خلافاً للکثير من التحليلات حول قضية الوساطة العراقية بين السعودية وايران، يسعی الکاظمي من خلال هذه الزيارة الحفاظ علی کرسيه اولاً و توضيح دور بغداد في الاصطفافات الاقليمية المرتقبة ثانياً. کما ان زيارة الکاظمي قبل مؤتمر جدة الاقليمي والتي جاءت قبل يوم من ذهابه إلی طهران، محاولة لإيصال هذه الفکرة إلی السعودية وان أي تقارب عراقي نحو طهران لا يعني التراجع عن الخطوات السابقة من قبل بغداد تجاه الولايات المتحدة والسعودية.

بالإضافة إلی ذلک فإن الکاظمي يعمل من أجل الحفاظ علی الدعم الامريکي والسعودي والإماراتي لا يريد ان يخرب کل الجسور مع ايران لذلک يعمل علی ايجاد نوع من التوازن في العلاقات مع متحدي وداعمي الحشد الشعبي، وان الکاظمي الذي يحظی بدعم عمار الحکيم وإلی حد ما مقتدی الصدر، يسعی من أجل عدم تأثير مؤتمر جدة المرتقب علی حظه لإعادة کرسي رئاسة الوزراء.

بعد عدم الحصول علی النتائج المطلوبة في مفاوضات دوحة النووية التي سببت الخيبة لبعض القوی السياسية الايرانية والصحافة، التي کانت متفائلة بسبب تراکم المؤشرات الايجابية، يمکن القول ان الانظار ستتجه نحو قمة جدة المرتقبة وتداعياتها، وکيف ستتعامل الولايات المتحدة مع الملف الايراني في القمة بعد النتائج الحالية للمفاوضات النووية التي مازالت محل آمال لدی بعض القوی الداخلية الايرانية والغربية حتی اذا کانت آمال غير قوية؟ وما هي خطوات السعودية في القمة تجاه الملف الايراني؟ هل هي خطوات تصعيدية من أجل تأسيس حلف ناتو عربي لديه خيارات الاقتراب من الجانب الاسرائيلي؟ و کيف ستؤثر هذه القمة علی مستقبل المفاوضات السعودية الايرانية وسط التفاؤلات لعودة العلاقات بين الرياض وطهران؟