على الرغم من ان (نهج الصراع) هو العامل الأساس الذي شكل معالم ومحددات هذه المنطقة، لكنه تضاعف بشكل مخيف ومرعب منذ اكثر من ثلاثين سنة، وقد تداخلت خطوط الصراع والاشتباك بشكل يصعب حتى وصفها فضلا عن فرزها وتحديد اسبابها، ويعود هذا التعقيد الى : (عدد ونوع الفاعلين المؤثرين، حجم وطبيعة الاهداف والغايات المقصودة، الخصوصيات الثقافية والدينية والسياسية والامنية للمنطقة وشعوبها، حجم تأثير العوامل الخارجية فيها، علاقة السلطة بالشعوب، تفردها في جملة من السمات والخصائص)، الامر الذي جعل من كل مقاربة تقدم تفسير عما يجري فيها، تحمل نحو من الصحة، لكنها، لا تقدم تفسيرا كاملا وشاملا، كما ان التوقعات والاستشرافات، تبدو شبيه مستحيلة في ظل تحولات عميقة، تحدث خلال ازمنة متقاربة، لذا يبدو النظر إليها من مسافة قادرة على رؤية المشهد بحجمه المناسب، تحديا عظيما امام من يريد رسم صورة لحاضر ومستقبل المنطقة.
توجد آلاف المقاربات التي تحاول الامساك بالمحور الرئيس لهذا الصراع، ومع هذا التعدد الواسع يمكن القول بأنها تتمثل في اتجاهين رئيسين، الاول: يرى بأن الطاقة وتحديدا النفط هي مركز صراعات المنطقة، والثاني: يقول ان الدين هو المركز وحوله تدور كل الصراعات الاخرى، ومما لا شك فيه، ان كلا من هذين الاتجاهين يعدد مراكز اخرى للصراع، لكنه يعدها ثانوية بالقياس الى المركز، واستنادا الى هذين الاتجاهين، تأتي القراءات والتحليلات ومقاربات الحلول.
يجد القائلون بمركزية الطاقة سهولة في توصيف المشهد وتشريحه، إذ تظهر مجموعة من المعطيات الموضوعية التي تساعد على هذه السهولة، فيما يعاني الاتجاه الثاني من صعوبة القبض على الشواهد والمعطيات التي تدلل على مركزية الدين، كما ان مقاربات الحلول صعبة، بل تكاد تكون مستحيلة في الكثير من الاحيان.
فالبراغماتية متاحة بشكل كبير بناء على مقاربة الطاقة (النفط)، لكنها متعذرة وصعبة على القول بالاتجاه الثاني، فهناك نتحدث عن المصالح وهنا نتحدث عن المبادئ، ويتجه المسار العام في منظور مركزية الطاقة الى ضرورة المحافظة على ايقاع الصراع، بينما يغذي الدين كمركز للصراع في الاتجاه الثاني حالة التوتر والتصعيد الى اقصى ما يمكن، ويعمل على التعبئة بكل ما يملك من وسائل.
يمكنكم تحميل المقالة بشكل كامل
خبير الشؤون الامنية والاستراتيجية