مشاريع كندية جديدة لدعم الاستقرار في العراق بخمسين مليون دولار

I'm an image! ٠٣ / يونيو / ٢٠٢٢

مشاريع كندية جديدة لدعم الاستقرار في العراق بخمسين مليون دولار

إعداد: موسى أشرشور

 

نشر الموقع الرسمي للحكومة الكندية مذكرة إعلامية تتضمن تفاصيل عن رزمة المشاريع الجديدة التي سطرتها دولة كندا لدعم استقرار بلدان الشرق الأوسط وأفريقيا وآسيا الوسطى، ومن بينها العراق.

المذكرة أصدرتها دائرة الشئون العالمية التابعة للحكومة الكندية بتاريخ 11 مايو 2022، تعلن فيها عن تمويل بقيمة 46.5 مليون دولار كندي تخص في المجموع 15 مشروعاً. وجاء في الوثيقة المنشورة باللغة الفرنسية أن هذه المشاريع تندرج في إطار برنامج دعم الاستقرار وعمليات السلام وبرنامج دعم القدرات الخاصة بمكافحة الإرهاب، ومطابقة للتوجيهات المدنية للتحالف الدولي ضد تنظيم داعش.   

وكان بيان صادر عن الخارجية الكندية عام 2012، قد أوضح أن هذا التمويل هو "دليل على التزام كندا بالتحالف العالمي لضمان الهزيمة الدائمة لتنظيم داعش وتعزيز الاستقرار في العراق وسوريا والمنطقة."

ويهدف البرنامج إلى دعم أولويات التحالف العالمي لإعادة تأهيل البنية التحتية العامة وتقدّيم الخدمات الأساسية، التي تضررت بفعل أعمال العنف والإرهاب، كما تساهم في إزالة المتفجرات والألغام المزروعة في الأقاليم التي شهدت عمليات حربية، بالإضافة إلى تعزيز جهود بناء السلام المحلية لدعم إعادة إدماج النازحين والمشردين داخليًا.

التزام متجدد

تساهم كندا، من خلال حضورها الدبلوماسي ومشاركتها العسكرية وبرامج عمليات السلام وتحقيق الاستقرار منذ سنوات، في جميع المساعي الرامية إلى دعم استراتيجية التحالف الدولي التي تسعى إلى تكثيف الحملات العسكرية ضد تنظيم داعش والجماعات الإرهابية الأخرى، ومنع تدفق الجهاديين الأجانب عبر الحدود، وتجفيف المنابع التي تموّل داعش، وتقديم المساعدات الضرورية لدعم استقرار المناطق المحررة من داعش من الناحيتين الاجتماعية والاقتصادية.

وقال وزير خارجية كندا مارك جارنو، في هذا الصدد: "إذا كانت داعش قد هُزمت عسكريًا بفضل جهود التحالف الدولي، فإنها لا تزال تشكل تهديدًا. ولهذا فنحن ملتزمون بالعمل مع حلفائنا وشركائنا للمساعدة على معالجة الظروف الأساسية المستمرة التي أدت إلى ظهور داعش"... وتعهد الوزير بالاستمرار في تقديم يد المساعدة لبناء منطقة "أكثر استقرارا وأمانا وبذل كل الجهود لتحقيق سلام وازدهار دائمين للشعبين العراقي والسوري".

وكانت وزيرة التنمية الدولية الكندية كارينا جولد، أعلنت في وقت سابق، في مؤتمر بروكسل الخامس حول سوريا، عن تمويل جديد بقيمة 49.5 مليون دولار للمساعدات الإنسانية في الشرق الأوسط.

للذكر، أعلنت كندا في أوائل عام 2016، على لسان رئيس وزرائها جاستن ترودو،عن استراتيجية أطلقت عليها "استراتيجية الشرق الأوسط"، تتمحور حول سبل تعزيز الحضور الكندي في المنطقة بضفة عامة، وفي العراق بصفة خاصة. تركز كندا في استراتيجيتها هذه على جانبين حيويين: الأمن والتنمية المستدامة، وما يترتب عنهما من بحث عن تحقيق الاستقرار لفائدة السكان المتضررين من آثار الحرب والعنف. ورصدت الحكومة الكندية أكثر من ملياري دولار كدعم مباشر لجهود الحكومة العراقية لاستعادة الاستقرار، ورأب الصدع والانشقاقات الطائفية، والمساعدة على بناء حكم راشد وفعال، وإنعاش النمو الاقتصادي من خلال المشاريع الممولة.

وجدير بالإشارة إلى أن خلال الفترة الممتدة ما بين عام 2016 وعام 2019، قدرّت مساهمة كندا بنحو 240 مليون دولار، وشملت 179 مليون دولار من المساعدات الإنسانية، و38 مليون دولار من المساعدات الموجهة للتنمية الاقتصادية، و24 مليون دولار في دعم الاستقرار والأمن في العراق.

إزالة آثار داعش وإعادة الإعمار

جاء في مقدّمة هذه الوثيقة الرسمية أن كندا ساهمت، منذ عام 2016، بأكثر من 4 مليارات دولار كندي في إطار استراتيجيتها الموجّهة للشرق الأوسط استجابة للأزمات في العراق وسوريا ومعالجة انعكاساتها المتعددة على المنطقة.

أوّل مشروع يخص العراق، اصطلح عليه بآلية تمويل لدعم الاستقرار، بميزانية تقدّر بعشرة (10) ملايين دولار كندي. وجاء في التفاصيل أن هذه الآلية التي تم تنفيذها من خلال برنامج الأمم المتحدة للتنمية، تهدف إلى تهيئة الظروف المواتية لعودة النازحين العراقيين ويدعم إعادة الإعمار وإنعاش الاقتصاد العراقي. تشمل أنشطة هذا المشروع إحياء الخدمات الأساسية في المناطق المحررة من قبضة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، وخلق سبل العيش خاصة لفئتي النساء والشباب الأكثر تضررا من أعمال العنف، وتنفيذ أنشطة خاصة بالتماسك الاجتماعي في المناطق المحررة. كما سيسمح هذا المشروع، حسب نفس المصدر، بزيادة قدرة الحكومة العراقية على تنفيذ أنشطة تحقيق الاستقرار في البلاد.

أما المشروع الثاني فيخص إزالة أخطار المتفجرات في المناطق المحررة بالعراق، بتمويل قدره عشرة (10) ملايين دولار. يدعم المشروع نشر أجهزة نزع الألغام في إطار أنشطة إزالة مخاطر المتفجرات، لاسيما في المناطق الحضرية وفي محيط المنشآت الحيوية. ومن المتوقع، حسب وثيقة الحكومة الكندية، أن يؤدي هذا المشروع أيضًا إلى توعية السكان المعرّضين للخطر في العراق حول المخاطر المرتبطة بالذخائر المتفجّرة، وكذلك إلى دعم تطوير القدرات العراقية، على المدى الطويل، لمواجهة انتشار المتفجرات، وهي الظاهرة التي توصف بالمعقدة. وتشير الوثيقة إلى أن هذا المشروع سيتم إنجازه بالشراكة مع كتابة الدولة الأمريكية وستشرف عليه شركة "تيترا تيك" Tetra Tech الأمريكية المتخصصة في الاستشارة والهندسة.

مشروع ثالث يتضمنه البرنامج الكندي لصالح العراق، يخص تعزيز قدرات الهيئات الوطنية العراقية لنزع الألغام. ورصد له مبلغ بقيمة خمسة (5) ملايين دولار كندي، وفقاً لذات المصدر.

يهدف هذا المشروع إلى تطوير القدرات طويلة المدى للهيئات العراقية المكلفة بإزالة الألغام. ولقد تم تنفيذ هذه المبادرة تحت إشراف دارة اﻷم اﻟﻣﺗﺣدة للإجراءات اﻟﻣﺗﻌﻟﻘﺔ ﺎﻷﻟﻐﺎم، وتشارك فيها منظمات دولية لإزالة الألغام مع هيئات عراقية لتنفيذ عمليات إزالة الألغام في العراق، مع المساعدة في إيجاد حلول للانتشار الواسع للألغام في هذا البلد.

حصة المرأة والمجتمع المدني

المشروع الرابع المندرج ضمن برنامج دعم الاستقرار في العراق، يتمثل في ترقية حركات الدفاع عن حقوق المرأة من أجل سلام دائم في العراق. وتبلغ قيمة التمويل المرصود لهذا المشروع 402 693 1 دولار كندي.

يرمي هذا المشروع الذي أسند لبرنامج "الزراعة الحضرية للتنمية لتطوير اقتصاد مستديم ومسئول MADRE"، إلى تحسين مستوى الأمن والاستقرار في أوساط السكان الذين عانوا من تنظيم داعش، خاصة منهم النساء والفتيات. وتؤكد الوثيقة أن هذا الهدف سيتحقق بزيادة فعالية منظمات المجتمع المدني العراقي، القومية منها والمحلية، وبالأخص منها المنظمات النسائية، بغرض تنفيذ برامج محددة في هذا الإطار، وتقديم خدمات والدعوة إلى تغييرات قانونية وسياسية كفيلة بالإسراع في تلبية الأولويات الخاصة بالمرأة وبالسلام والأمن، وكذلك بغرض "توفير الحماية وإعادة الإدماج الاجتماعي للعراقيين الناجين من العنف الذي مارسه تنظيم داعش في الأقاليم التي يقيمون أو يعملون فيها".  

وقرر برنامج المساعدة الكندي مشروعا خامساً لفائدة العراق، يخص دعم جهود العراقيين المقيمين في العراق من أجل تطوير استراتيجيات وطنية للوقاية من "التطرف العنيف". وقد رصدت له ميزانية قيمتها 2.5 مليون دولار كندي. 

يتوقع أصحاب هذه المبادرة أنها ستعزز قدرة الحكومة العراقية والناشطين في المجتمع المدني على "تحليل دوافع التطرف العنيف في الأوساط السكانية التي أظهرت قابلية عالية له، وعلى إيجاد الحلول المناسبة لمعالجة هذه الظاهرة"، مثلما جاء في نص الوثيقة.

تأمين المطارات

بالإضافة إلى ذلك، سيدعم المشروع ندوات حول مواضيع محددة مثل المتابعات القضائية ورد الاعتبار وإعادة الإدماج، وكذلك تنفيذ بعض التوصيات الأساسية التي ستنبثق من تلك الندوات. وتجدر الإشارة إلى أن المشروع تمت صياغته في إطار الاستراتيجية الوطنية التي وضعتها الحكومة العراقية لمكافحة التطرف العنيف عام 2019، والتي تعتبر امتداداً لاستراتيجية الأمن القومي الأوسع بالعراق، والتي تم إطلاقها في عام 2015.

آخر مشروع يخص العراق، يتمثل في مشروع الاتصالات في المطارات، ويخص تحديداً كشف واعتراض التجارة غير المشروعة والركاب الحاملين لمخاطر عالية في المطارات الدولية في منطقة الشرق الأوسط. وتقدّر ميزانية هذا المشروع 2.5 مليون دولار كندي.

يتوقع أن يزيد هذا المشروع من قدرة الأعوان المكلفين بالسهر على تطبيق القانون في كل من العراق والأردن ولبنان على إجراء تقييم للمخاطر واستهداف وتصنيف الركاب المشبوهين وعالي الخطورة الذين يمرون عبر المطارات الدولية في البلدان المذكورة.

برامج لدعم الاستقرار في سوريا

هذا، ولقد خصصت الحكومة الكندية برامج لتمويل مشاريع خاصة بدعم الاستقرار في بلدان أخرى من المنطقة، غير العراق، وعلى رأسها سوريا. منها مشروع لمكافحة الألغام شمال غربي سوريا بنحو مليون دولار كندي. ومشروع آخر يخص ما يصطلح عليه باسم "المسئولية المبتكرة من أجل سوريا"، بقيمة حوالي 250 ألف دولار كندي، يهدف إلى مساعدة منظمات المجتمع المدني على كيفية تحديد مسئولية المنتهكين لحقوق الإنسان.

وهناك برنامج آخر لتحقيق الاستقرار "الفوري" في منطقة دير زور، الواقعة شرق البلاد، بميزانية إجمالية قدرها 1 654 658  دولار كندي، ويخص ترميم المنشآت المائية ومساعدة السلطات المحلية على إدارة النزاعات حول الموارد. كما خصصت الحكومة الكندية مبلغا قيمته نحو مليوني دولار إضافيتين لدعم وسائل الإعلام المستقلة في سوريا، لتصل الميزانية الإجمالية 7 ملايين دولار.

إلى جانب العراق وسوريا، حظيت دول كثيرة تتخط في أزمات اقتصادية خانقة، مثل التشاد في أفريقيا، ومثل باكستان في القارة الآسيوية، ببرامج خاصة لتمويل مشاريع إنمائية طموحة تهدف إلى تحفيز النمو الاقتصادي في هذه البلدان.   

م. أ.