تدور السياسة حول السلطة وصناعة القرار. يطبق هذا المبدأ على جميع العصور وجميع النظم وكل الثقافات. والأكثر من ذلك، وبغض النظر ما إذا كنا ندخل بوعي الميدان السياسي أو كنا مجبرين على الاهتمام في السياسة كونه لا يوجد شيء اسمه بعيدا عن السياسة في عصرنا وكل القضايا كما يرى جورج أورويل هي قضايا سياسية، فنحن من كل بد مشاركون في لعبة من أجل السلطة. بناء عليه، والأهم من ذلك هو فهم وإتقان قواعد هذه اللعبة. هذا ينطبق علينا جميعا. كلنا أصحاب مصلحة بطريقة أو بأخرى سواء أكنا صانعي قرار رسميين أو مواطنين أو صحفيين أو جماعات ضغط أو مستشارين سياسيين. بالمقابل يثار تساؤل عن مدى وهامش حرية الفعل للأفراد الذين لا يمتلكون أية سلطة أو يمتلكونها بحدودها التي لا تتعدى دوائر تأثير محدودة. لكن ما هي السلطة؟ وهل السلطة ومفهومها ينحصر اليوم في عالم السياسة بيد حكومة تمتلك المشروعية في فرض احترام القوانين أم أن السلطة هي عبارة عن دائرة واسعة الكل مشارك فيها؟
تعني السلطة في أبسط معانيها وجود علاقات غير متساوية وغير متكافئة بين طرفين في المجتمع السياسي وفي أعمق معانيها وجود مؤثر ومنفعل في المجتمعات أي وجود أفراد مؤثرين إيجابا أو سلبا على فرد أو مجموعة من الأفراد ليس بالضرورة بالاستناد إلى بعد سياسي بل ربما بعد اجتماعي أو اقتصادي ما. لا شك أن سلطة الدولة المستمدة من القانون والتي توفر مبدأ تكافؤ الفرص والمساواة والتوزان بين السلطات هي سلطة سياسية، سلطة يمارسها زعيم حزب بالمعنى المدني على أفراده وعلى الرأي العام هي سلطة سياسية، كون الحزب السياسي هو عبارة عن تنظيم من الأفراد ذوي التوجهات والأفكار المحددة، يسعون إلى تحقيقها في جو من التداول السلمي للسلطة التي يسعون في أحد أهم أهدافهم للوصول إليها .... المقصود بها السلطة السياسية. ولا أقصد هنا إبراز الطابع الإيجابي دوما على مفهوم السلطة السياسية أو إعطائها معنى قيمي، حتى التأثير التي تمارسها السلطة ببعدها السياسي والتي قد لا تتمتع بالمشروعية القانونية والشرعية السياسية هي سلطة سياسية أيضا.
ولكن ماذا عن سلطة رب الأسرة؟ سلطة شيخ القبيلة؟ سلطة زعيم ديني؟ سلطة الرجل على المرأة؟ أليست دوائر التأثير التي يمتلكها أحد الأطراف في هذه المعادلة تستحق الدراسة ولاسيما في المجتمعات العربية حيث سلطة البنى غير التقليدية تكون في غالبية الأحيان أقوى من سلطة التأثير التي تمتلكها الدولة؟ وأيضا سلطة الرجل على المرأة سلطة اقتصادية في أحد وأهم أبعادها. سلطة شيخ القبيلة على أفراد قبيلته سلطة قد لا تكون ذات بعد مدني يفرضه طابع الدولة الحديثة بل سلطة تقليدية استنادا إلى تحليل فيبر. ما لذي يحمله تأثير السلطة بمعناه الاجتماعي العام على حرية الفرد؟
تعني الحرية تلك الصفة الطيبة الفطرية الملازمة للإنسان كما قال جون استيوارت ميل في كتابه مقال في الحرية، وهي حرية عمل ما يسمح به القانون عند مونتسكيو. وبالمقابل السلطة بالمعنى الاجتماعي الواسع هو قدرة شخص ما أو مؤسسة ما أو منظمة ما على التأثير في الأنماط السلوكية للأفراد استنادا إلى قوة القانون أو كاريزما الشخصية أو التهديد بالقوة الفعلية أو استخدامها حسب تقسيم ماكس فيبر لأنواع السلطة. بمعنى أن السلطة عامل مؤثر في تحديد خيارات الأفراد وسلوكياتهم السياسية والاجتماعية وحتى توجهاتهم، وقد يأتي تحديد السلطة على أساس توزيع دوائر التأثير على الأفراد في المجتمع قلت أم كثرت، بمعنى أن الفرد يمتلك سلطة بمقدار الصلاحيات الممنوحة له قانونا أو بفعل الغلبة أو التأثير والتي من خلالها بإمكانه أن ينفذ رغباته وإراداته. وتعد مسألة العلاقة بين السلطة والحرية إحدى إشكاليات الفكر السياسي عموما.أتوسع قليلا في توصيف معنى السلطة استنادا إلى مفهوم لا يخلو من التشويق تبناه جورج أورويل في روايته 1984. بالرغم من أن أورويل في هذه الرواية يعالج بطش السلطة السياسية وطغيانها على حساب حرية الفرد. إلا أني أستعير من حوار جرى بين بطل الرواية وأحد شخصياتها في تقصي معنى السلطة الذي أحاول تحليله بشكل قد يكون غير مطروقا من قبل إلا من خلال ربطه بصورة غير مباشرة بتاريخ الفكر السياسي. فعلى سبيل المثال، كان الإغريق يرون أن السلطة هي سيطرة الإنسان على الإنسان. فانصب البحث ولاسيما لدى أفلاطون وأرسطو على شكل ما من علاقة سوسيوسياسية تضمن بقاء الجميع متساوين.
يرى أورويل على لسان بطل الرواية ونستون أن الإنسان بحاجة ليس إلى الحرية بل إلى الشعور بأنه حر، انطلاقا من تعريف أورويل للسلطة في حوار بين أوبراين أحد شخصيات الرواية ووينستون بطل الرواية، إذ يقول أوبراين: كيف يفرض الإنسان سلطته على الآخر؟ فيجيب ونستون: بأن يجعله يعاني!بهذا المعنى غياب أي قيد على شعور الإنسان بأنه يمتلك كينونة خاصة فيه يعبر من خلالها عن أفقه ونظرته وحياته بالطريقة التي لا تنتهك حريته هذا معنى الحرية وأي سلطة تعيق هذا الشعور هي قاتل لهذه الحرية.
ألا يغدو الكلام مبالغا به؟ ماذا عن السلطة القانونية التي تمتلكها الدولة وبصورة شرعية ومقبولة في المجتمعات الديمقراطية حينما تفرض قوانين تمنع اعتداء الأفراد على حريات بعضهم في المجتمع المنظم السياسي؟ يمكن أن نجد الجواب لدى ميل حينما وضع قاعدة عامة في سلطة المجتمع ممثلا بالحكومة على الأفراد. والتي هي نواة الفكر الليبرالي المعاصر. يرسم ميل حدود سلطة المجتمع على الفرد عن طريق تفريقه بين نوعين من الأفعال: الأفعال التي يتعدى أثرها الفرد القائم بها، وتلك التي لا يتعدى أثرها الفرد ذاته، ويستنتج من هذه التفرقة بأن للمجتمع ممثلا بالحكومة الحق في تنظيم الأفعال من النوع الأول فقط. أما الأفعال من النوع الثاني فإن تدخل المجتمع فيها يؤدي إلى طغيان الأغلبية.
بالعودة لمعنى السلطة بأنها إنزال المعاناة بالآخر والألم بالإنسان، تكون السلطة هذه غالبا في المجتمعات غير الديمقراطية لا تستند فيها ممارسة السلطة إلى القانون وإذا مورس التأثير فيها يكون تأثيرا عائقا أمام حرية الفرد، بمعنى يكمن فيها اختلال التوزان بين السلطة والحرية ما يؤدي حتما إلى طغيان الحكم والمجتمع على الفرد. فتكون المعاناة نفسية واجتماعية وسياسية واقتصادية.
في المجتمعات الديمقراطية تكون السلطة ذات مصدر قانوني وتطورت فيها الحريات الفردية على نحو نضجت خبرة هذه المجتمعات واستطاعت أن تواءم بين قضية السلطة بكل أبعادها والحرية. فسلطة رجل الدين على سبيل المثال فيها تنحصر في الجانب والحيز الخاص لحياة الأفراد بينما نجد المجتمعات غير الديمقراطية تكون فيها سلطة البنى التقليدية تنسحب إلى الحيز العام كما هو حال غالبية بل معظم الدول العربية.
الفرد في الدولة العربية عالق بين إشكالية السلطة "التي تنزل الألم به إن كان على دراية أو لا" وبين الحرية بالمعنى الذي طرحه بول سارتر، والذي يربط وجود الإنسان بالحرية باعتبار أن الإنسان غير الحر ليس بإنسان إذ يقول: " الحرية ليست معطاة بشكل قبلي وتلقائي، بل الإنسان هو من يسهم في تحقيقها وخلقها، وبهذا المعنى وبالعودة إلى التعبير الأدبي لأورويل أكون قد تناولت البعد المجتمعي الواسع لمفهوم السلطة "إيقاع الألم بالآخر" أي التسلط حسب مفهوم حنا أرندت. فقد ميزت أرندت بين السلطة والتسلط. السلطة التي تربطها أرندت بوجود الشعب، فلا سلطة بغير من تقع عليهم هذه السلطة، كما أنها ليست خاصية فردية. فهي تقع بمجموعة من الناس. وعندما يجري الحديث عن أحد الأشخاص موجود في السلطة، فإن ذلك حسب تحليلها يعني أنه قد سلط من قبل مجموعة من الناس ليمثلهم. بينما التسلط فهو مصطلح يستخدم في وصف العلاقة بين الطفل وسلطة الأهل، كما أنها من الممكن أن تستخدم لوصف العلاقة بين التلميذ والأستاذ، أو أي نمط من العلاقة القائم على التراتبية الاجتماعية التي تفرض واجب الطاعة وليس بالضرورة القيام على عنصر الإكراه بل الاحترام أيضا.
هل احترام مكانة رجل الدين أو الإكراه المعنوي الذي يمثله ممكن أن تصنع حدثا سياسيا يؤثر برمته على حركة فعل الفرد في المجتمعات السياسية؟ الجواب يحتاج إلى إعادة الاعتبار لمفهوم التسلط في بنية الفكر والتجربة العربية.
في الختام، يمكن القول إنه كانت وما تزال قضية حرية الفرد من أكثر المعضلات التي تتناولها الفلسفة ولا سيما في إطار العلاقة ما بين الحرية والضرورة. أو السلطة، فالإنسان بكينونته، الداخلية يتمتع بالحرية وهو في حريته قادر على التفكير والخيار وإعمال عقله فيما يخص عالمه الداخلي والعالم المحيط به ما يميزه عن سائر المخلوقات. وفي آن معاً، هناك تطورات تحدث في العالم الخارجي بما يستقل عن إرادته. والعالم الخارجي هو، الشروط والعوامل والأحداث التاريخية المحيطة به وتطورات العالم الطبيعية، بما يقابل العالم الداخلي للفرد من مجموعة الخيالات والانفعالات والأفكار والسلوكيات والخبرات المتراكمة التي تكون شخصية الفرد.
النموذج السوري اليوم من أكثر النماذج وأكثرها جدة، حيث تشهد البلاد تحولا من نظام سياسي استبدادي ديكتاتوري قامع للحريات، تبدت فيه إشكالية السلطة بمعنى إيقاع الألم والحرية بمعنى حماية كينونة الفرد وضمان التعبير عن رأيه وصيانة كرامة فكره في أوضح معانيها إلى نظام سياسي يعبر عن المأمول وتكون فيه الحرية مصانة.
تحتاج دراسة إشكالية السلطة والحرية في سوريا اليوم، قراءة تحليلية أكاديمية تبتعد عن الانفعال مع رسم الخطوط العريضة التي تكفل أن تكون السلطة التقليل من الألم قدر المستطاع وليس إيقاع الأذى بالآخر، وأن تكون الحرية مسؤولية.
ختمت الجزء الأول من هذا المقال بالمقطع التالي: كانت وما تزال قضية حرية الفرد من أكثر المعضلات التي تتناولها الفلسفة ولا سيما في إطار العلاقة ما بين الحرية والضرورة أو السلطة، فالإنسان بكينونته الداخلية يتمتع بالحرية وهو في حريته قادر على التفكير والخيار وإعمال عقله فيما يخص عالمه الداخلي والعالم المحيط به ما يميزه عن سائر المخلوقات. وفي آن معاً، هناك تطورات تحدث في العالم الخارجي بما يستقل عن إرادته. والعالم الخارجي هو، الشروط والعوامل والأحداث التاريخية المحيطة به وتطورات العالم الطبيعية، بما يقابل العالم الداخلي للفرد من مجموعة الخيالات والانفعالات والأفكار والسلوكيات والخبرات المتراكمة التي تكون شخصية الفرد.
أتابع في هذا المقال تحليل العلاقة بين السلطة والحرية، يقول مونتسكيو مقولتين غاية في الأهمية أولها: الحرية هي عمل ما يسمح به القانون، والثانية كل من يملك السلطة يميل إلى إساءة استعمالها.
فحرية الفرد مسؤولية بهذا المعنى، ولا سيما إذا ترتب على الحرية الإضرار بالآخر عندئذ بالمعنى الذي طرحه مونتسكيو لا تعود ممارسة الحرية حرية بل فوضى. فكيف تكون ممارسة الحرية مسؤولية، ما لذي يتطلب وجوده حتى تكون الحرية هي ممارسة ما يسمح به القانون؟ وحتى يتم تقليص إساءة استعمال السلطة؟
أولا: يتطلب ذلك أصلا وجود دولة قانون يتساوى الجميع فيها أمام القانون، حتى يمنع القانون على الجميع ما يمنعه على الفرد الذي يمارس حريته ويسمح للجميع بممارسة ما يسمح به للفرد، دون تمييز على أساس عرقي أو ديني أو طائفي.
ثانيا: إن العلاقات العمودية التي تقوم على الارتباط الأولي بروابط وشائجية سواء بالعائلة أو الطائفة أو القبيلة يجب ألا تقف حائلا أمام قيام روابط مدنية أفقية بحيث يكون الانتماء للوطن ملاذا لجميع الأفراد، أما الاحتماء بالعلاقات العمودية من هيمنة السلطة يعني ذلك أن هناك خللا في بناء السلطة ذاتها.
ثالثا: الانتقال من مفهوم السياسة من معنى انتزاع السلطة فقط إلى مفهوم قائم على تعميق المشاركة وترسيخ فكرة المسؤولية الجماعية، المشاركة التي تكفل للسلطة المشروعية المستمرةـ والمسؤولية الجماعية التي تمنع الفرد من عدم تجاوز القانون أثناء ممارسته لحريته.
رابعا: هناك ميل نفسي لإساءة استعمال السلطة، فالسلطة مغرية لأصحابها، ما يمنع الفرد من إساءة استعمال حريته هو ما يمنع الأفراد في السلطة من إساءة استعمالها أي دولة القانون أولا وأخيرا والتساوي أمام حكمه. كما أن السلطة التي تحترم حرية الأفراد دون تمييز على أساس غير المواطنة هو ما يقف حائلا أمام أفراد السلطة من الانفراد بالقرارات، بهذا المعنى تكون الحرية هي الأساس والعدل هو ضمانة عدم احتكار السلطة، بهذه المعاني لا تعود السلطة بالمعنى الذي طرحه أورويل إيقاع الألم بالآخر بل تقليل الألم إلى أقصى حد، ولا تكون الحرية فوضى بل مسؤولية.
يرى باسكال أن كرامة الفرد تكمن في فكره، يجب على السلطة أن تضمن هذه الكرامة التي ليست فقط بتوفير مستوى معيشة لائق بل أيضا في احترام الفكر والرأي الآخر. في حين يرى جون استيورات ميل أن الإنسان ينزع إلى كل شيء يحقق له الكرامة بما في ذلك حرية المناقشة.
فلا حرية دون كرامة الفكر وضمان حرية التعبير عنه ليكون الفرد في دولة القانون قادرا على إبراز الأنا بطريقة بعيدة عن العنف، فالسياسة هي إحلال الحوار محل ضربات الأيدي، والذي يضمن وجود حوار هو وعي الأفراد ومدى قدرتهم على تقبل الآخر المختلف. وليس فقط التسامح معه فالتسامح يعني وجود طرف قوي وطرف ضعيف، أما في دولة القانون فالكل سواسية والكل يمتلك مصادر القوة نفسها.
السؤال الذي يطرح نفسه كيف تصان الحرية في بلد يشهد تحولا وانتقالا من نظام سياسي استبدادي إلى نظام سياسي آخر؟
قد تشهد الدول في مرحلة الانتقال من نظام سياسي إلى نظام آخر حالة من الفوضى، وفي ذلك إذا كان النظام السياسي الجديد ينزع إلى ضمان حرية الأفراد عليه ألا يعيد إنتاج تكتيكات الاستبداد والنظام السياسي أي أن يبتعد عن الإقصاء.
النموذج السوري اليوم جدير بالدراسة، هو وليد يحتاج إلى قراءة المشهد بدقة وإلى وقت لتقصي معالمه، لكن يمكن القول إن النظام الحالي يجب أن يكون حذرا من استخدام تكتيكات النظام السابق القائمة على الإقصاء بسبب مغريات السلطة وعطش الأفراد إلى الحرية، ما جعلهم ينعون النظام السابق في أقصى العبارات وبانفعال بالغ.
قمع النظام السابق الحريات وزرع حالة من الخوف من الآخر المختلف، فقد لعب جديا على إثارة مخاوف البعض إزاء بعضهم الآخر؛ ما يحتاجه النظام الجديد هو التطمين والحوار وإطلاق سياسات من شأنها أن تجتث بذور الفتنة. وضمان حق الجميع في إطار دولة مؤسسات. ويطرأ على ذهني ما قاله ميل يوما أنه لا يحق للبشرية أن تسكت معترضا واحدا. هذا الواحد وبغض النظر عن انتماءاته الأولية يجب أن يكون مواطنا أولا وأن ينتمي إلى دولة تجعل كيانه حرا بدون أي تهديد.
أثناء نزوع الأفراد في حالة الفوضى إلى البقاء يجب أن يضمنوا هم أنفسهم قبل السلطة احترام الآخر كسبيل لتجنب حرب طائفية أثناء عملية الانتقال. لتوضيح أكثر، يرى علماء النفس فيما يسمونه إنذار البقاء أنه عندما يكون الإنسان في وضع يجعله يشعر بالخطر على حياته سواء حقيقي أو تخيلي، فإن العقل العاطفي المسؤول عن البقاء يتخطى التحليلي المسؤول عن المنطق فلا يستطيع الإنسان أن يفكر.
في شيء إلا البقاء، فأثناء بحث السوريين عن البقاء يجب ألا يهدروا كرامة بعضهم البعض، فالكرامة ليست في الحياة فقط بل أيضا في الفكر، من أهم ما تحتاجه التجربة السورية اليوم، هو إعادة بناء مفاهيم وطنية جامعة، وتجاوز عقلية الإقصاء، فالثورة ليست علما ولا شعارا فقط، العقول تحتاج أيضا إلى إعادة بناء وتغيير نمط التفكير وإلى التجديد، أما حمل نمط التفكير القديم ووضعه في صندوق مغلق يفتح عند أهم الاختبارات في الحوار أو في عملية بناء عقد اجتماعي جديد بموجبه يعني ركب موجة التغيير دون أي تفكير مستنير.
تبقى إشكالية العلاقة بين السلطة والحرية موضوع أزلي، ولكن على السلطة ألا تهدر الحرية وعلى الحرية ألا تعتدي على القانون، بحيث تكون السلطة شرعية وتكون الحرية مسؤولية. وللكلام بقية
باحثة واكاديمية