قليلة هي الدراسات التي تناولت الحرب في سورية متحرية الدقة في الوصف، والأدوات المنهجية في التحليل، وسلامة المنطق المعتمد على الفصل قدر الإمكان بين الذات والموضوع لتكوين صورة واضحة في ذهن القارئ واحترام ذوقه.
تأتي دراسة الثعلب والقنفذ ضمن مجموعة من هذه الدراسات القليلة ولتضيف إليها ذلك الحس الأدبي بدءا من تسمية الكتاب بهذا الاسم، مرورا باستخدام استعارات عرفها الفكر الإغريقي والروماني وظفت في مجال السياسة.
يرى الكاتب الدكتور عقيل محفوض أن الحدث السوري يواصل تأكيده طابعه الرئيس وهو صعوبة الإمساك بما يجري، إنه حدث لا يقيني ويصعب القبض عليه أو الإمساك به تحليلا. ولكن يبدو أن المؤلف قد ساعدنا إلى حد بعيد في القبض على الخطوط العريضة حيال الحرب في سورية باستعارة: الثعلب والقنفذ!
لست معتادة في مراجعتي لأي كتاب أقرأه أن يكون هدفي تلخيصه، ولا استعراض فصوله، لأن ذلك بالإمكان لأي قارئ أن يقوم به دون الاطلاع على مراجعتي. لكني عادة ما أتوخى في قراءتي لأي كتاب الوقوف على العميق في مضمونه، والاستعانة باقتباسات لأدرس فكر الكاتب والرسالة التي أراد إيصالها. لا يخلو هذا الأمر من المتعة والمشقة في آن معا.
ولا يخلو أيضا من مخاطر الاختزالية، لأن الإنسان عادة يلفته ما يعجبه بناء على ذوقه وليس بالضرورة بناء على الأهمية العلمية لما يقرأ. لكني مع ذلك سأحاول الجمع بين ذائقتي في اختيار ما أحلل من أفكار وبين الأهمية العلمية التي قد يلاحظها من يقرأ مراجعتي لهذا الكتاب.
الثعلب ذكي، له طرق عديدة للوصول إلى فريسته، تتعدد خياراته الهجومية للوصول إلى ضحيته. إذا كانت الفريسة قنفذا يحتار وهو ينقض عليها، لأن في كل المناورات التي يقوم بها لا يصل إلى حد التهامه بل يرتد خائبا، عالقا بأنفه أشواك مؤذية. بالرغم من أنه ليس لدى القنفذ سوى أشواكه إلا أنها تبدو ناجعة وخيارا أحاديا يضمن حياة القنفذ ويقلل من قيمة الخيارات اللا متناهية أمام الثعلب.
استعار الكاتب عقيل محفوض من الناقد والكاتب البريطاني أشعيا برلين وصف الثعلب والقنفذ ليحلل العلاقة بين الولايات المتحدة وسورية. حيث يرى أن بين الطرفين ديناميات صراع مركبة، لدى أحدهما طرق عديدة للاستهداف، فيما لدى الآخر طريقة وحيدة ناجعة "المقاومة"، وهذا ينطبق على سياسات الولايات المتحدة إزاء سورية.
للمزيد يمكنكم تحميل الورقة والاطلاع عليها بشكل كامل.
باحثة واكاديمية