لم يكن ينقص منطقة الشرق الاوسط انفجار جديد بعد حرب غزة ولبنان المدمرة، لتستفيق على احداث دراماتيكية سريعة تنطلق من الشمال السوري، تضع المنطقة مجددا امام تداعيات في غاية الخطورة أمنيا وسياسيا علاوة على المضاعفات الانسانية والاقتصادية. فقد جاء تحرك هيئة تحرير الشام (تضم خليطا من القوى السلفية والمعارضين السوريين من مشارب مختلفة) بعد يومين من دخول وقف اطلاق النار بين اسرائيل وحزب الله حيز التنفيذ، لتفاجأ جميع الدول المعنية بشؤون سوريا ومصيرها ،المفاجأة طالت حتى هيئة تحرير الشام نفسها وداعمها الرئيس (تركيا)، فلم يدر بالحسبان ان تستولي هذه القوى على عاصمة الشمال السوري حلب وكامل محافظة ادلب والطريق الدولي M5 ,لغاية ريف حماة الشمالي، وتضع يدها على مدن ومطارات ومعسكرات واسلحة خلال ثلاثة ايام بينما عجزت عن الوصول اليها خلال الاعوام 2011-2016 التي شهدت قتالا ضاريا مع الجيش السوري وحلفائه الاقليميين .
هجوم (المعارضة السورية ) اثار قلقا كبيرا وادخل دول المنطقة في دوامة من اعادة الحسابات والتموضع بناء على المعطيات الجديدة للميدان ،ايران والعراق وروسيا ومصر والاردن ودول مجلس التعاون عبرت عن مواقف واضحة داعمة للحكم السوري بدرجات مختلفة ،فيما تعاملت تركيا ببرود واضح مع ما يجري فقد جاء التطورات بدعم منها او تنسيق على الاقل ، لأعداد الساحة السورية لتسويات طال انتظارها وتأخرت دمشق في تنفيذها، فيما رأى بعض المراقبين ان ما جرى يندرج في سياق تقطيع ما سمي بالهلال الشيعي الذي تقوده ايران واضعافه الى حد تفكيكه، فبعد حرب غزة ولبنان واضعاف حزب الله وتدمير حماس ،صار ممكنا تفسير هجوم المعارضة السورية الناجح في مقابل التداعي السريع لقوات الجيش السوري واخفاقه وداعميه من ايقاف زخم هذا الهجوم، بأنه مشروع لا يقصد به تقسيم سوريا وتجزئتها ولا حتى اسقاط نظام الرئيس بشار الاسد ،بقدر ما هو الضغط على دمشق لاستبدال تحالفها مع ايران و انهاء دورها المحوري في محور المقاومة .هذه المقايضة المحتملة تظل السيناريو الاكثر احتمالا ، بعد ما سبقته حرب اسرائيل على منظمات المقاومة المتحالفة مع ايران، وتهديدها لفصائل العراق المسلحة والحوثيين في اليمن .
للمزيد يمكنكم تحميل المقال كاملا
كاتب وباحث